ومات الضحاك بمكة منصرفه من اليمن يوم التروية سنة ثمانين ومائة. فقال المنذر بن عبد الله الخزاعي يرثيه:
أعيني اسكبا غلبت عزائي … حرارة بطنت حشائي
على الضحاك أني أرى قليلًا … وقد بكى الحمام له بكائي
ولا تستبقيا دمعًا لشيء … لعل الدمع يبرد حر دائي
[سعيد بن سليمان المساحقي]
قال القاضي الإمام أبو الفضل: هو سعيد بن سليمان بن نوفل بن مساحق ابن عبد الله بن مخرمة. وقال ابن شعبان: ليس في رواة مالك سعيد بن عبد الرحمان المساحقي، وإنما هو ابن سليمان. كان من جلساء مالك وأصحابه، وعليه دخل مالك على الرشيد متوكئًا وعلى المخزومي والعامري. وإنما سعيد ابن عبد الرحمان جمحي أخذ عنه أيضًا، وذكره ابن شعبان أيضًا. قال الزبير: كان المساحقي من سراة قريش عقلًا وجلدًا وجمالًا وشعرًا وأدبًا، وعارضة. وكان مسددًا في قضائه. قال ابن شعبان وهو من وجوه أصحاب مالك المدنيين. قال القاضي أبو بكر بن محمد بن خلف المعروف بوكيع في طبقات القضاة: هو أول قاض استقضاه المهدي بالمدينة وأقره الرشيد صدرًا من ولايته. قال ابن الماجشون شهد سعيد بن سليمان عند ابن عمران الطلحي وهو قاض، فرد شهادته. فلما ولي سعيد شهد عنده ابن عمران فنظر في شهادته ففكر قليلًا ثم قال لكاتبه: أجز شهادته يا ابن دينار. فإن المؤمن لا يشفي غيظه. وكتب العباس بن محمد إلى سعيد بن سليمان، وكان ينقلب إلى الحجاز وإلى ماله بالجفر:
أليس إلى نجد وبرد مياهه … إلى الحول أن حم الإياب سبيل