قال ابن حيّان: كان أول معرفته بالحكم المستنصر، وهو إذ ذاك ولي عهد أبيه الناصر، أنه طلب رجلًا عالمًا زاهدًا يحجّ عن والدته، بعد موتها بخمسماية دينار - دراهم كانت أعدتها لذلك، من طيب مالها - فذكر له ابن السليم هذا، فأمر بإحضاره. والحكم خلف ستر، وأمر أن يُكلَّم في القصة، ويرغب إليه في ذلك فأبى وأقسم أن لا يفعل ذلك أبدًا. فتعلق بقلب الحكم. ولم يزل يجتذبه بكل حيلة، حتى اقتضاه من طريق محبته في العلم. فاستخدمه في المقابلة لدواوين بيت حكمته الذي حوى من كتب العلم ما لم يحوه بيت ملك. فداخله من حينئذ وصاحبه. فنوه الحكم باسمه، وقدمه الى الشورى. فلما ولي الخلافة - بعد موت أبيه - قدمه الى المظالم والشروط. الى أن توفي قاضيه، منذر بن سعيد، فولاه مكانه قضاء
الجماعة. وذلك سنة ست وخمسين. وجمع له معها الخطبة والصلاة سنة ثمان وخمسين. فحمد الناس سيرته. فكان من سيرته التواني، في الأحكام والتبطؤ في القضاء. فردّ لومه في ذلك من لم يعرف غرضه. لم ينقم عليه شيء سوى ذلك. فلما مات اتفقت الألسنة بالثناء عليه. قال الرازي: وفي ليلة الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من رمضان، سنة خمس وستين وثلاثماية. أمر القاضي ابن السليم، أئمة الفرض، أن يصلوا الوتر بالجامع ثلاثًا، لا يفصلون بتسليم. كما كان يفعل قبل ذلك. وذلك أن بقي بن مخلد، كان يأخذ به، واتبعه عليه بعض الأندلسيين، وهو مذهب أهل العراق. قال القاضي الفقيه الإمام المؤلف