للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو الفضل عياض، : وقال ابن الحدائي، في كتاب الخطب والخطباء، كان ابن السليم، قد اقتطع من مقاصر النساء بجامع قرطبة، موضعًا اتخذه لصلاته، يوم الجمعة، يبكر للرواح فيه. فلا يزال فيه بين صلاة وذكر، حتى يؤذّن المؤذن بالوقت، فيقوم نحو المقصورة. وحضر مرة جنازة رجل ترك ابنًا رجلًا، فلما وضع النعش، تقدم الابن ليصلي من غير إذن، فلما فرغ من شأن الميت، وانفض الناس، أمر القاضي فحمل الولد الى الحبس. فأقبل يقول: ما ذنبي؟ فقال: جهلك، إذ تقدّمت بمحضري، ولم تستأذني ولا رعيت حق الخليفة، إذ الصلاة له وأنا خليفته. فليس لأحد أن يتقدم إلا بإذننا، فلم تفعل، ولابد من تأديبك، لأرشد بك مثلك. فمضي به الى السجن، فلما وصل القاضي الى داره، أمر بإطلاقه، وقال: ما فعلنا به، أدب له. قال المؤلف : قد مرّ في أخبار سحنون مثل هذا. قال ابن مسعود: لوى القاضي ابن السليم، للوزير أبي زيد بن خدير بإنفاذ تسجيل له، فاستبطاه أبو زيد، وكتب إليه يعتبه بشعر أوله:

إليك بك الشكوى لعلك موصلي … وإن كنت قد ضيعت سبل توصلي

عتب عليه فيه، وشكا من مطلعه ثم قال:

إذا لم يكن منك الجميل فإنني … رضيت بأن أعتاض حسن التنصّل

لأجعل دون الصبر للوصل عقله … عسى وطنًا يبقى لنا بالتجمّل

فأجابه القاضي بقوله:

أتاني قريض كالجمان المفصل … بديع معانيه لطيف التوصّل

حباني به ندب كريم معظّم … بأسلابه من ماجد متفضّل

<<  <  ج: ص:  >  >>