ما نحن إلا على الإسلام والسنة. وما تقربنا من السلطان، إلا لنرفع عن أنفسنا الظلم. فكشف عن وجهه وقال: الآن، لان لكم قلبي. ودعا لهم. وذكر أنه أخرج كتبه يومًا بحضرة الناس، وجلس في وسطها، ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني جمعتها ليؤتى الى هذا الوجه القبيح في مسألة فأحرقني بالنار. ولما مات لم يوجد له إلا دينار ونصف، كفّن به. ولم يكن في بيته حصير. قيل له في ذلك. قال: أنا اليوم في البيت وغدًا في القبر. وجردته العرب في طريق الحج، فأعروه. فدفع إليه جمّال، معلف جمل فاستتر به. فلما اشتد عليه الحر، رفع رأسه، ونادى بصوت، وقال:
أحببت نجواهم ثم بلوتهم … فأكثرتَ بلواهم كي يتضرعوا
وإذا دعوك رفعت نحو دعائهم … حجبًا لعزّك دائمًا لا تدفع
[براهينه وفراسته رحمه الله تعالى]
قال أبو محمد الصدفي: صلينا يومًا بقصر داود، صلاة العصر، مع أبي الحسن. فلما سلم الإمام من الصلاة، قال الشيخ: وحق هذه القبلة، ما طابت نفسي على هذه الصلاة. وأنا أعيدها. فأعادها. وكان الإمام يومئذ رجلًا صالحًا. فلما خرج الناس، سألنا، فإذا الإمام قد تخلف، وقدموا غيره، وإذا المتقدم من أصحاب الشيعي. وكان لبعض أصحابه، ولد يقرأ عليه، ثم انقبض عنه الشيخ وقطعه، فقيل له في ذلك
فقال: رأيت عليه خشوع النفاق، فلما رجع الشيخ الى القيروان، ندب الى حكومة بلده، فلم يولّه النعمان، حتى أدخله الدعوة. وكان يقول للشاب يختلف إليه: كم تلح، والله لا أفلحت أبدًا، ولا أفتيت بمسألة