للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقاضي وسائر الفقهاء، وخرجوا لصلاتهم، ورجعوا وذبحوا. وكان يوم جمعة، إلا المهدي، فخالفهم في هذا كله، وجلس في داره. فلما صلى بهم الخطيب صلاة الجمعة، وكبّر تكبير التشريق، قال له المهدي من موضعه: كذبت أيها الفاسق. وأصبح اليوم الثاني في باب داره، وصلى العيد مع خلق، اتّبعوه. وكان من جملة من صلى معه، خطيب الناس بالأمس. وقال له: إنما صلى بالأمس تقية. فبلغ ذلك القاضي، فأحضره. فقال: إنما فعلت هذا عند المهدي، خوفًا منه، فكان هذا سبب نكبة هذا الخطيب، وعزله.

[أبو القاسم السيوري]

واسمه عبد الخالق بن عبد الوارث. قيرواني. آخر تبعاته من علماء إفريقية، وخاتمة أئمة القيروان. وذوي الشأن البديع في الحفظ والقيام بالمذهب والمعرفة بخلاف العلماء. وكان زاهدًا فاضلًا دينًا نظارًا. وكان آية في الدرس والصبر عليه. ذكر أنه كان يحفظ دواوين المذهب، الحفظ الجيد، ويحفظ غيرها من أمهات كتب الخلاف. حتى أنه كان يذكر له القول لبعض العلماء، فيقول: أين وقع هذا. ليس في كتاب كذا، ولا كتاب كذا. ويعدد أكثر الدواوين المستعملة من كتب

المذهب والمخالفين، والجامعين. فكان في ذلك آية. وكان نظّارًا. ويقال إنه مال أخيرًا الى مذهب الشافعي، وله تعليق على نكت من المدونة. أخذه عنه أصحابه. ويقال إنه تفقه بأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران، وطبقتهم. وقرأ الكلام والأصول على الأزدي، وأكثر ما قرأ الكلام. ولازم مدينة القيروان بعد خرابها، الى أن مات بها، وعليه تفقه عبد الحميد، والمهدي، واللخمي، والذكي. وأخذ عنه عبد الحق، وابن سعدون وغيرهما، وبعدهم

<<  <  ج: ص:  >  >>