محمد بن بشير لبس ما لا يعرف ببلده، يعني الخزّ فما لبسه إلا أربعين يومًا، ثم ترك ذلك لاستبشاعه، لا لغير ذلك.
[ذكر شيء من أعيان اقضيته التي دلت على ثبات قدمه في الحق وبقية خبره]
قال أحمد بن خالد: كان أول ما أنفذه ابن بشير من نافذ أحكامه، التسجيل على الأمير الحكم، في أرحي القنطرة بباب قرطبة، إذ أثبت عنده حق مدعيها، ولم يكن عند الأمير مدفع. فسجل فيها، وأشهد على نفسه. فما مضت مديدة حتى ابتاعها ابتياعًا صحيحًا، فسر بذلك الحاكم، بعد مسألة وجعل يقول: رحم الله ابن بشير فقد أحين فيما فعل بنا على كره منا، إذ كان في أيدينا شيء مشتبه فصحح ملكه لنا. قال ابن وضاح: حكم ابن بشير على ابن فطيس الوزير في حق ثبت عنده، دون أن يعرّفه بالشهود عليه. فشكا ابن فطيس ذلك إلى الأمير، وتظلم منه. وأومأ إلى ابن بشير بذلك، وذكر شكوى ابن فطيس من امضائه الحكم عليه، دون أعذار، وهو حق له بإجماع أهل العلم. فكتب إليه ابن بشير: ليس ابن فطيس ممن يعرَّف بمن شهد عليه، لأن إن لم يجد سبيلًا إلى تجريحهم لم يتحرج عن أذاهم، فيدعون بالشهادة هم ومن ائتسى بهم ويضيع أمر الناس. وقال ابن وضاح: وكان سعيد الخير، عم الأمير الحكم، وكلّ وكيلًا يخاصم له عند محمد بن