عشرة سنة. وكان يحيي الليل حتى مات. ولما قدم الشافعي على الزعفراني نزل عليه، فكان الزعفراني يكتب للجارية ما يصلح من الألوان كل يوم لطعامه. فدعا الشافعي يومًا الجارية ونظر في الكتاب فزاد بخطه لونًا اشتهاه، فلما حضر الطعام أنكر الزعفراني اللون الذي لم يأمر به فسأل الجارية، فأخبرته. فلما نظر في الرقعة ووجده بخط الشافعي اعتق الجارية فرحًا بذلك. وألح عليه يومًا أصحاب الحديث فقال لهم: لا تكلفوني أن أقول لكم ما قال ابن سيرين لرجل ألح عليه: إنك إن كلفتني ما لا أطيق ساءك ما سرك مني من خلق. وروي أن الشافعي كان عطيرًا. وكان غلامه يأتيه كل يوم بغالية يمسح بها الأسطوانة التي يجلس إليها، وكان إلى جانبه رجل متزهد فعمد إلى عذرة فجعلها في شارب نفسه، مضادة لما فعل. وكان سميه البطال؟ فلما شم الشافعي الرائحة قال: فتشوا نعالكم. ثم قال ليشم بعضكم بعضًا فوجدوا ذلك بالرجل، فقال له الشافعي ما حملك على ما فعلت؟ قال رأيت تجبرك
فأردت أن أتواضع لله. قال الشافعي: اذهبوا به إلى صاحب الشرطة يعقله، حتى ننصرف. فلما خرج الشافعي أمر به فضربه ثلاثين درة. قال له: هذا أراه لجهلك. ثم أربعين، وقل له هذا لتخطيك المسجد بالعذرة.
[جمل من حكمه وآدابه رحمه الله تعالى]
قال الشافعي: من ولي القضاء ولم يفتقر فهو سارق. ومن حفظ القرآن نبل قدره، ومن تفقه عظمت قيمته، ومن حفظ الحديث قويت حجته، ومن حفظ العربية والشعر رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه العلم.