كان الشيخ أبو إسحاق، قد امتحن مع فقهاء القيروان، محنة عظيمة في سنة سبع وثلاثين وأربعماية. وذلك أنه استفتى في تدمية ما عداه، في مراجعة عقدها ولي من العبيديين. وذلك بعدما جرى عليهم ما جرى بالقيروان. وقيام المسلمين عند ولاية المعزّ بن باديس، صاحبها عليهم. وتقتيلهم كل مقتل. واستنصار المعزّ في ذلك. فرد الفقيه أبو إسحاق في بعض جوابه. أن هذه الفرقة على ضربين: أحدهما كافر، مباح الدم، والضرب. والآخر الذين يقولون بتفضيل علي بن أبي طالب على سائر الصحابة، لا يلزمهم الكفر، ولا تبطل نكاحاتهم. وشاعت فتواه فأنكرها فقهاء إفريقية بالقيروان، وغيرها. وكانوا من التشدد على هذه الفئة المارقة. وكل
من يتعلق بهم، حيث كانوا. والعامة أشد من ذلك. لاسيما بظهورهم عليهم، وبغضهم فيهم، وأرسلوا الى أبي إسحاق، في معاودة النظر، وأن يرجع، فأبى إباءً شديدًا. فخالف الجميع، واستحقر مخالفته، وانتهت القصة الى السلطان المعزّ، فجمعهم بعض الجمع عنده في المقصورة، وناظروه. فأظهر الإنابة الى قولهم، والرجوع إليهم، ثم خلا بأصحابه، فأنكروا عليه، رجوعه، عن قولهم، وأنه الحق الذي لا يجب سواه. وكان رأي الفقهاء، سد هذا الباب للعامة على هذه الكفرة. وأن بني عبيد زنادقة، وأنّ الداخل في دعوتهم، وإن لم يقل بقولهم، كافر لتوليه الكفرة. فأظهر أبو إسحاق التمادي على قوله، وإنكار الرجوع عنه. ومشى الناس في هذا بعضهم الى بعض. وامتزج فيه القيام لله ﷿ في ذلك، بالشهوة من العصبية للغلبة. واجتمعت الفقهاء في ذلك، وأتتهم مكاتبات علماء الجهات بإنكار ذلك. وأن المنتقمين بهذه المقالة الخبيثة، من المصريين