كان ابن وافد أحد الأشداء على البرابرة، وخليفتهم المستعين سليمان، وأكثر الناس
نفارًا منهم، ومن البيعة لصاحبهم. والصلح معهم على خلع هشام المؤيد خليفة قرطبة. وقد حصلت قرطبة من ذلك في محنة، وشد البرابرة عليها قتالهم من كل جهة، وخربوا أفاءها وقطعوا مرافقها حتى رضي الناس بالدخول تحت طاعتهم وخلع هشام ومصالحتهم على ذلك وتقديم صاحبهم. وكان أبناء ذكوان ممن يرغب في ذلك في طائفة من الفقهاء والجلة، منهم ابن حوبيل، وابن الشقاق، وابن دحون. وكان ابن وافد شديد النفار والإبانة عن ذلك. مغريًا بهم العامة محرضًا عليهم صلحهم والإنابة إليهم، معه على رأيه ابن الفخار في جماعة. فلما تغلب البربر على قرطبة، وتم الصلح وخلع هشام، وهم أحنق الناس على ابن وافد فاستخفى واشتد الطلب فيه فعثر عليه عند امرأة، فحمل راجلًا مكشوف الرأس مهانًا يقاد بعمامته في عنقه، والمنادي ينادي عليه: هذا قاضي النصارى، مسبب الفتنة وقائد الضلالة. وهو يقول: كذبت بفيك الحجر بل والله ولي المؤمنين، وعدو المارقين. أنتم والله شر مكانًا، والله أعلم بما تصفون، والناس تتقطع قلوبهم لما نزل به. فلقيه في هذه الحال بعض أعدائه فقال: كيف رأيت صنع