للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله بك؟ فقال: ما أتاهم قضاؤه كان ذلك في الكتاب مسطورًا. ولقيه بعض أصحابه فقال: ترى أن أبلغ أمرك أبا العباس ابن ذكوان، فإنه مقبول القول عند البرابرة؟ فقال لا حاجة لي في ذلك. فأدخل على المستعين سليمان بن الحكم في ذلك الوقت. فأكثر توبيخه وأغرته به البرابرة فأمر بصلبه، وشرع في ذلك فاضطرب البلد له، ووردت عليه شفاعة أبيه الحكم، وشفاعات ابن ذكوان وابن حوبيل، وجماعة من الفقهاء والصالحين، الذين لا يرى ردهم يرغبون إليه في شأنه ويقبّحون إليه ما أمر به فيه، فرفع عنه الصلب والمثلة، وأمر بضمه الى المطبق وتثقيفه، فكان شديد الصبر في محبسه كثير التبسم والحديث متعاهدًا لصلاح نفسه وجسمه من الاغتسال والاستياك والاستحداد حتى عذله بعض من جمعته وإياه المحنة في ذلك

المكان على فعله، فقال له: وما لي لا أتهيأ للقدوم على ما لابد لي منه واصل الراحة؟ والله إني لا أرجو غاديًا أو رائحًا. وسواكي طواي وجسمي نقي. أو نحو هذا. وكان السلطان يجري وظيفته على من فيه. وكان ابن وافد لا يأكلها معهم. ولم يبعد أن اعتل في مجلسه فمات. فتكلم الناس أن حيلة وقعت عليه، فالله أعلم. فأخرج ميتًا في نعش منتصف ذي الحجة سنة أربع وأربعماية. فوضعه الأعوان بالميضآت موضع غسل المحاويج، فاحتمله قوم الى دار صهره ابن الأعرش الفقيه فسد الباب في وجه النعش تقية. وسمع الزاهد حماد بن عمار بالقصة، فبادره وصار بنعشه الى منزله فقام بأمره. وكان من عجيب الاتفاق أن ابن وافد كان أودع عند هذا الصالح كفنه وحنوطه وقارورة من ماء زمزم لجهازه. فتم مراده. وعدت

<<  <  ج: ص:  >  >>