وأبو الطاهر الواعظ، ﵏. ومن أهل المغرب: أبو عمر بن سعد، وأبو عمران الفاسي. رحل إليه، وأخذ عنه. قال أبو عمران: رحلت الى بغداد وكنت قد تفقهت بالمغرب، والأندلس عند أبي الحسن القابسي، وأبي محمد الأصيلي، وكانا عالمين بالأصول. فلما حضرت مجلس القاضي أبي بكر ورأيت كلامه في الأصول والفقه، والمؤالف والمخالف، حقرت
نفسي وقلت: لا أعلم من العلم شيئًا. ورجعت عنده كالمبتدئ. وتفقه عنده القاضي أبو محمد بن نصر، وعلق عنه، وحكى في كتبه ما شاهد من مناظرته في الفقه بين يدي ولي العهد ببغداد، للمتخالفين. قال أبو بكر الخطيب: كان أعرف الناس بعلم الكلام، وأحسنهم فيه خاطرًا، وأجودهم لسانًا، وأوضهم بيانًا، وأصحهم عبارة. وحكى أن أبا بكر الخوارزمي كان يقول: كل مصنف ببغداد إنما ينقل من كتب الناس، إلا القاضي أبا بكر فإن صدره يحوي علمه، وعلم الناس. وقال علي بن محمد الحربي: كان القاضي أبو بكر يهم بأن يختصر ما يصنعه، فلا يقدر لسعة علمه وحفظه. وما صنف أحد كلامًا إلا احتاج أن يطالع كتب المخالفين، غير أبي بكر فإن جميع ما يذكر من حفظه. وكان أبو محمد الشافعي يقول: لو أوصى رجل بثلث ماله لأفصح الناس، لوجب أن يدفع الى أبي بكر الأشعري. وكان بعضهم يقول: جاء في الأثر أن الله تعالى، كان يتعاهد عباده بأنبيائه ورسله، فلما ختم الرسالة بمحمد ﷺ، تعاهد أمته في رأس كل مائة عام برباني من علمائها، يحيي لها دينها، ويجدد شريعتها، فكان إمام رأس أربعماية: أبو بكر بن الطيب رحمه الله تعالى.
[ذكر فضله وسيرته ووفاته]
قال أبو عبد الله الصيرفي: كان صلاح القاضي أكثر من علمه، وما نفع