للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عهدته من الانبساط إليّ وكان بيننا المرافقة في طلب العلم، فذاكرته بحديث نقله ابن أبي الدنيا في أن الشاب إذا صدق في توبته عجلت منيته، فسرّ به وسألني أن أرسل إليه بالكتاب الذي وجدته فيه، فما عاش بعد ذلك إلا نحو شهرين ومات، وما رجع إليّ الكتاب إلا بعد موته وكان موته بعد انقباضه بسبعة عشر شهرًا رحمه الله تعالى.

[خبر تأليف كتاب الاستيعاب لقول مالك ]

كان ساقطًا الى الحكم أمير المؤمنين كتاب من رأي مالك، ابتدأه بعض أصحاب اسماعيل القاضي، وبوبه وقدره ديوانًا جامعًا لقول ملك خصة، لا يشاركه فيه قول أحد من أصحابه باختلاف الروايات عنه، وذكر من رواها: مضى للمؤلف منه مقدار خمسة أجزاء أو نحوها، واخترمته المنية عن تمامه فلما رآه الحكم أعجبته بساطته وحرص على إكمال الفائدة به فذاكر به قاضيه ابن السليم وسأله هل عندهم من يكمله على الرغبة؟ فقال له: نعم بشرط إباحة أمير المؤمنين خزانة كتبه للبحث عن أقوال مالك حيث كانت، روايات المكيين والمدنيين والعراقيين والمصريين والقرويين والأندلسيين وغيرهم، فقال له الحكم: افعل ذلك على ضنانتي بها حرصًا على إكمال الفائدة. فسمى له الفقيهين أبا بكر المعيطي القرشي هذا، وأبا عمر ابن المكوى فمكنهما من الأسمعة وما جانسها فاقتدرا منها على ما أراداه، وألّفا كتاب الاستيعاب الكبير في مائة جزء، بلغا فيه النهاية، وكان بين أيديهما راوٍ مجيد لتبييض ما يودانه، فكان ابن المكوى أولًا يقدم القرشي لنسبه ويقدم اسمه عليه فيما يتكلمان فيه فيقول: قال محمد حتى وقع بينهما شيء فأنف أبو عمر من تقديم اسمه عليه لسنّه وعلمه فجعل يقدم نفسه فيما يكتب ويملي، وعارضه الآخر بمثل

<<  <  ج: ص:  >  >>