قال: ولما أتيت الكوفة وأكثر أملي السماع من الأعمش، فسألت عنه، فقيل لي غضب على أصحاب الحديث، فحلف أن لا يسمعهم مدة، فكنت اختلف إلى باب داره لعلي أصل إليه، إذ فتحت يومًا بابه وخرجت منه جارية، فقالت لي ما بالك على بابنا؟ فأعلمتها بخبري. قالت واين بلدك؟ قلت أفريقية. فانشرحت إلي وقالت تعرف القيروان؟ قلت أنا من أهلها. قالت تعرف دار ابن فروخ؟ قلت: أنا. فتأملتني، ثم قالت: عبد الله؟ قلت نعم. وإذا هي جارية لنا بعناها صغيرة، فصارت إلى الأعمش، وقالت له: مولدي الذي كنت أخبرتك بخبره بالباب. فأمر بإدخالي فدخلت، وأسكنني بيتًا قبالة بيته، فسمعت منه وحدثني.
[ذكر تسننه وأتباعه وبقية أخباره]
قال أبو العرب: كان ابن فروخ كتب إلى مالك يخبره أن بلدنا كثير البدع، وأنه ألف لهم كتابًا في الرد عليهم. فكتب إليه مالك يقول له: إن ظننت ذلك بنفسك خفت أن تزل وتهلك، لا يرد عليهم إلا من كان ضابطًا عارفًا بما يقول لهم، لا يقدرون أن يعرجوا عليه فهذا لا بأس به. وأما غير ذلك فإنني أخاف أن تكلمهم فتخطئ، فيمضون على خطاك أو يظفروا منه بشيء، فيطغوا ويزدادوا تماديًا على ذلك. قال محمد بن سحنون كانت المعتزلة تدعي ابن فروخ عندنا. فأخبرني بعض أصحاب أبي وكان صحب أبا خارجة. قال: نزل بنا أبو خارجة فسألته عن ابن فروخ وما يرمي به. فقال من قال هذا، فو الله الذي لا إله إلا هو، ما رأيت بهذين العينين شابًا أعبد لله من ابن فروخ. ثم قال: فو الله لقد كنت معه حتى سئل
عن المعتزلة، فقال للسائل: وما سؤالك عن المعتزلة؟ فعلى المعتزلة