وسعَتْ فجاج الأرض سعيًا حوله … من راغب في سعيه متبرع
يبكونه ولكل باك منهم … ذلّ الأسير وحرقة المتوجع
وقال أبو علي ابن سفيان في قصيدة:
غصت فجاج الأرض حتى ما تُرى … أرض ولا علم ولا بطحاء
ما زلت تقدم جمعهم هربًا لهم … في مركب حفت به النجباء
وذكر أن أبا محمد بن أبي زيد، ﵀. رؤي في مجلسه تحت فكرة وكآبة. فسئل عن سبب ذلك؟ قال: رأيت باب داري سقط، وقد قال فيه الكرماني، إنه يدل على موت صاحب الدار. فقيل له: الكرماني مالك في علمه؟ قال: نعم. هو مالك في علمه، أو كأنه مالك في علمه. فلم يقم إلا يسيرًا. ثم مات ﵀.
[أبو إسحاق الجبنياني ﵀]
أحد أئمة المسلمين، وأبدال أولياء الله الصالحين، وقد جمع الفقيه أبو القاسم اللبيدي، وأبو بكر المالكي، من أخباره وسيره، ما ذكرنا هاهنا عيونًا منه. هو ابراهيم بن أحمد بن علي بن مسلم البكري، من بكر بن وائل، كان سلفه من أهل الخطط بالقيروان. ولهم مسجد يعرف بمسجد أبي مسلم بها. وجدّه علي من
أصحاب سحنون. تقدّم ذكره في طبقته. وولى بنو الأغلب أبا بكر أحمد بن علي، والد الشيخ أبي إسحاق، خراج إفريقية. فتورط معهم. وكان من أهل الأدب والفهم. ثم ارتفع الى حدّ الوزارة، الى أن زالت دولة بني الأغلب. فنكب فيمن نكب. ولم يبق له إلا بقية ربع بسوسة. فلزم الخير والحجج، الى أن مات.