أهل الشورى بقرطبة، سيما بعد وفاة ابن زرب. فإنه استكملت رئاسته، حتى كان بالأندلس نظير ابن أبي زيد بالقيروان وعلى هديه، إلا أنه كان فيه ضجر شديد، يخرجه أوقات القيظ الى غير صفته. ذكر
بعضهم أنه هنأه بالشورى حين تقلدها، فقال: لعن الله الشورى إن لم أرفعها، ولعنني إن رفعتني، ونحو هذا. وأبلغ عن القاضي ابن زرب ﵀ يومًا كلامًا، عرض به فساءه، وحرك منه وانبعث من ضجره، ما شق جيبه غيظًا وتمثل:
لبستم ثياب الخز لما كفيتم … ومن قبل لا تدرون من فتح القرى
وقوفًا بأطراف الفجاج وخيلنا … تساقي كؤوس الموت يدعو بالقنا
فلما أكلتم قتلنا بسلاحنا … تحدث مكفي يعيب الذي كفى
ويحكى أنه ناظر ابن أبي زيد يومًا في مسألة فاحمر مزاجه، فقال له ابن أبي زيد: قال خلاف قولك فلان. فقال: لو قالها فلان ما صدقته، أو لكان خطأ، أو نحو هذا من الكلام مما أسرف فيه، وغلا بفرط حرجه، فانتدب له البرادعي وتولاه ووجد للمقال سبيلًا وأنكر عليه كل من حضر ولكن تولى ذلك البرادعي، بفرط حرج منه هو أيضًا. فخرج الأصيلي. فكان ذلك سبب مقاطعته مجلس ابن أبي زيد. فيقال إن ابن أبي زيد قال للبرادعي: لقد حرمتنا فوائد الشيخ بإسرافك في الرد عليه.
[ذكر وفاته ﵁]
توفي ﵀ يوم الخميس، لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة، سنة اثنتين وتسعين. وكان جمعه مشهودًا. وجهزه المظفر ابن أبي عامر