للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر إجابته وفضائله ]

ذكر أن أبا محمد التبّان كان يقرئ لإخوانه ميعادًا من الرقائق. فقطعه أيامًا، فعاتبوه عليه فاعتذر، فضيقوا عليه فقال: إذا كان غدًا تأتوني إن شاء الله. فأتوه من الغد، وبين يديه شيء مغطى، فقال لهم: أكشفوه. فوجدوه طبقين صغيرين، أحدهما مملوء دنانير، والآخر دراهم. فقال لهم: هذا منعني. لأن من ملك من الدنيا هذا يقبح عليه أن يزهد الناس فيها. فيدخل فيمن ذمه الله تعالى بقوله تعالى:

أتأمرون الناس بالبرّ الآية. ولما جرت له المسألة التي تكلم فيها في الإيمان، وخالفه أبو محمد ابن أبي زيد ، والقابسي، والسبائي، والجماعة . وحدث بينهم وبين بعضهم وحشة بسببها، جعل موعدًا للإلقاء. وألقى عليهم كتاب الوضوء. فخالفوه في مسألة. فقال لهم: اسمعوا ما أقول: درست هذا الكتاب ألف مرة. فأبوا إلا مخالفته. فقام بهم الى داره، وأخرج الكتاب وأراهم المسألة، كما قال. ثم دعا على نفسه. وقال: اللهم لا تقض عليّ أن ألقي عليهم بعد هذا شيئًا. اللهم أقبضني إليك، وأرحني منهم. فما قام إلا يسيرًا حتى مات . وقال أبو عبد الله محمد بن التمار: خرجت مع أبي عبد الله الى سوسة، ومعه جارية له راكبة على زاملة. وهو على سرج. فإذا مشى قليلًا، مضى إليها. وقال: تحبين أن تركبي السرج؟ فتقول نعم: فينزل لها ويرجع على الزاملة. ثم يمشي قليلًا فيقول لها: ترجعي الى الزاملة؟ فتقول نعم. فيردها عليها. فعل ذلك نحو أربع مرات. فلما وصلنا سوسة، دخلت عليه وقلت له: غلبت على عقلك مساعدتها؟ تنزل من دابة الى دابة، والناس يرونك. فغضب ورفع بصره الى السماء، وقال اللهم بحق الحافّين

<<  <  ج: ص:  >  >>