وإن حياتي اليوم بعد وفاته … دليل بأن الغدر في كل إنسان
أحقًا سراج العلم أخمده الردى … وهدم ركن الدين من بعد تبيان
وغودر في دار البلى علم الهدى … مزعزع آساس مضعضع أركان
فشقت عليه المكرمات جيوبها … وألقت رؤوس المجد عنها بتيجان
وقال أبو عامر ﵀ أخرى أولها:
إذا لم تجد إلا الأسى لك صاحبًا … فلا تمنعنّ الدمع ينهل ساكبا
هوت بأبي العباس شمس من التقى … وأمسى شهاب الحق في الغرب غاربا
[أخوه أبو حاتم محمد بن عبد الله صاحب المظالم]
كان من جملة القضاة والحكام بعهد العامرية. عمل فيها أعمالًا جليلة بغير كورة. وتصرف في الأمانات. وولاه المظفر المظالم. فحمد في كل ذلك وكان يخلف أخاه أبا العباس على قضاء الجماعة، بقرطبة مدة مغيبه في المغازي مع السلطان. وتأيد مع أخيه على إعزاز الحق. قال أبو حيان: كان أبو حاتم أطلق من أخيه لسانًا، وله طبع في حسن الإيراد والامتناع. قال أبو الخيار الشنتريني: وذكره إثر ذكر أخيه قال: وأما أبو حاتم فتلوه في الصنعة ودونه في العلم، يختص بأدب وسط وعلم بالخبر وطيب بالمجلس. وله أوفر حظ من الدربة بالحكومة. وقد ذكرنا من أخباره ونكته في أخبار أخيه ما قدمناه. وتوفي أبو حاتم نصف شهر رمضان سنة أربع عشرة وأربعماية. مولده سنة أربع وأربعين وثلاثماية. وترك ابنه حسنًا أبا علي، فوليَ الحسبة بقرطبة في الفتنة، ثم أحكام القضاء. وكان ثقة عارفًا بالحكومة، ذا جزالة ونزاهة عاطلًا من العلم والأدب.