للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يرد هذا لقوله تعالى: وما جعلْنا لبشرٍ منْ قبلِك الخُلد فأجابا معًا: إن ذلك ممكن جائز، وأن يبقى الخضر ، الى النفخ في الصور، وأن الخلود إنما هو اتصال بقائه ببقاء الآخرة. وإن البقاء الى النفخ، ليس بخلود. ألا ترى أن إبليس، لعنه الله، لا يسمى خالدًا. وإن كان من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم، ويذكر أن أبا محمد رحمه الله تعالى كتب الى أبي بكر الأبهري :

تأبى قلوبٌ قلوبَ قوم … وما لها عندها ذنوب

وتصطفي أنفس نفوسًا … وما لها عندها نصيب

ما ذاك إلا لمضمرات … أضمرها الشاهد الرّقيب

قال أبو القاسم اللبيدي: اجتمع عيسى بن ثابت العابد، بالشيخ أبي محمد، فجرى بينهما بكاء عظيم وذكر، فلما أراد فراقه، قال له عيسى: أريد أن تكتب اسمي في البساط الذي تحتك، فإذا رأيته دعوت لي. فبكى أبو محمد، وقال: قال الله تعالى: إليه يصعدُ الكلِمُ الطيّبُ والعملُ الصالح يرفعه. فهَبْني دعوت لك. فأين عمل صالح يرفعه؟

[وفاته ]

وتوفي أبو محمد ، وغفر له، سنة ست وثمانين وثلاثماية. ورثاه كثير من أدباء القيروان، بمراث مشجية. فمن قول أبي الخواص الكفيف:

هذا لعبد الله أول مصرع … تُرزا به الدنيا وآخر مصرع

كادت تميد الأرض خاشعة الرُبى … وتمور أفلاك النجوم الطُلّع

عجبًا أيدري الحاملون لنعشه … كيف استطاعت حمل بحر مترع

علمًا وحكمًا كاملًا وبراعة … وتُقى وحسن سكينة وتورع

<<  <  ج: ص:  >  >>