إن القنوع بحمد الله يمنعني … من التعرض للمنانة النكد
إني لأكرم وجهي أن أعرضه … عند السؤال لغير الواحد الصمد
فذكر ذلك لأبي الحسن القابسي، فقال: مثل الجبنياني يقول هذا، ويصدق فيه.
[ذكر ورعه وخوفه وعبادته واستقصاره بنفسه]
ذكر أنه أول أمره استأجر نفسه عنده رجل، بجهة سوسة، يرعى له بقرة. فأتاه يومًا بفأس فقال: اقطع خشبة من هذه الشجرة. فقال له أبو إسحاق: ليست لك، إنما هي لأخيك. فقال له: صرت لي ضدًا؟ إنما عليك أن تسمع ما آمرك به، فتعمله. فقال له: بلى، على أن أتقي الله. فانصرف عنه، فلحقه بأجرته. فقال له: من أين تدفعها لي أنت؟ لم تزع عن قطع شجرة أخيك في غيبته، فمن أين تدفع لي؟ فذهب ولم يأخذ منه شيئًا. وقال أبو بكر السيوطي: صحبته قديمًا فكنا ربما استأجرنا أنفسنا في جمع الزيتون، فإذا دفعت إلينا أجرتنا يحط منها، ويقول:
نخشى أنا لم نوفِ، فكيف نستوفي؟ وحضر طعام رجل من أصحابه، فلم يأكل منه، فعتب فيه. فقال: رأيته ترك حلاله، وأكل ذلك أوجب عندي التنزه عن طعامه. ولما رحل الى القيروان، ليسمع من أبي بكر ابن اللباد، جاء بجراديق من شعير، فكان يفطر كل ليلة على واحدة. ويشرب من بئر بروطة. فلما فرغ جرادقه، انصرف، ولم يشتر بها شيئًا يأكل، ولما جاءت فتنة أبي يزيد، واختلطت أملاك الناس في الغنم، ترك شراءَ الرّق، فلم يكتب فيه. قال بعض أصحابه: سرت معه يومًا، وأنا أسوق