كان من العلماء الزهّاد الفضلاء. أخذ ببلده عن أحمد بن ثابت، وابن قطن وأحمد بن هلال، وأبي محمد الباجي وغيرهم. ورحل الى المشرق فسمع من رجاله، وصحب أبا محمد ابن أبي زيد ﵀، واختص به وحمل عنه تواليفه وغير ذلك، وكان القاضي ابن ذكوان يقدمه على فقهاء وقته وعلى نفسه ويرغب دعاءه. وكان الأصيلي يعرف حقه ويثني عليه، وغلب عليه الكلام والجدل على نصرة مذهب أهل السنّة، والتواليف في ذلك، إلا أنه كان يخل بعلمه عدم معرفته اللسان. وذكره الجياني أبو علي شيخنا فقال: أحد الفضلاء العلماء حدث عنه أبو بكر بن الغراف، واسماعيل بن حمزة السبتي. قال ابن حسان: وكان شديد الورع والزهد مجتنبًا للسلطان اشترى يومًا تينًا فلما عده عليه بايعه، أقبل يثني له عليه أنه يشرب من ناعورة السلطان، فترك التين عنده ودفع إليه ثمنه، وقال لبائعه: أمسكه الى أن أقضي حاجة فإن أبطأت عليك فتصدق به ومضى لسبيله. واستدعاه المستعين صاحب البرابرة، فأجابه مع مجانبته لمن قبله، ودخل عليه بعد أن استعفاه من تقبيل يده الذي جرت به عادتهم فأعفاه وزاد تكرمته، وله في العقائد تواليف كثيرة مفيدة وله شرح رسالة شيخه أبي محمد ابن أبي زيد رحمهما الله.
[ذكر محنته ﵁]
كان أبو بكر هذا لتعلقه بهذه العلوم النظرية الغريبة بالأندلس مشومًا عند كثير من الفقهاء بقرطبة، سيما من لم يتعلق منهم من العلم بغير الفقه ورواية الحديث، ولم يحضر في شيء من النظر. وكان أبو عون الله شيخ