للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على عادته للفقهاء. وبعث الى ابنه أكفانًا له وحنوطًا من عنده، رعاية لمكانة من أبيه المنصور. فقبل ابنه كرامته. وجهز شيخه فيما كان أعده لنفسه. وكان أراد أن يدفن ليلًا ولا يعلم بجنازته، فرده عن ذلك صهره ابن أبي صفرة، وأوصى أن يدفن في خمسة أثواب. وكان آخر ما سمع منه لما احتضر: اللهم إنك قد وعدت بالجزاء عند كل مصيبة، ولا مصيبة عليّ أعظم من نفسي، فأحسن جزائي عنها يا أرحم

الراحمين. ثم خفت. وكان قد أعد قبره لنفسه، يقف عليه ويتعظ به. وكان كثيرًا ما يتخوف من سنة أربعماية، وما يجري فيها من الفتن. فذكر يومًا شأنها في مجلسه، ودعا الله تعالى أن يتوفاه قبلها، وابنه محمدًا. وسأل من حضر التأمين. وأن ابنه محمدًا حاضر كاره، ففعل من حضر ذلك. وأجيب دعاؤه، فتوفي عما قريب كما ذكرنا. وتوفي ابنه بعده بأعوام. وكان سنة أربعماية، فكان فيها من الفتن، وخراب الأندلس ما كان.

[عيسى بن محمد بن عبد الرحمن]

أبو الأصبع يعرف بابن الحشاء، وبابن المعلم. قرطبي. روى عن جماعة من الأندلسيين ورحل الى المشرق، فلقي الناس واتسعت معرفته، قال ابن عفيف: كان فيها من أهل الأدب والعلم، راسخًا في الرأي، بصيرًا بالوثائق، ورعًا، منقبضًا، من خيار المسلمين، عامرًا للمسجد الجامع لتفقيه الناس وفتياهم، بصيرًا بالاختلاف، جميل اللقاء، إمامًا في المذهب المالكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>