للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاختلاف الى أبواب الملوك، وقال المقرئ الباقلاني: سألته في النوم؟ فقال ما وجدت أنفع من قراءة القرآن، وكانت ولايته في القضاء أربعة عشر عامًا.

[محمد بن عبيد الله بن الوليد المعيطي]

أبو بكر، من أبناء الأشراف وأعيان الفقهاء الأخيار. سمع من أبيه ووهب وابن الخراز القروي، وابن سعيد، والمحيلي، وأبي ابراهيم الطليطلي، قال ابن الفرضي: وكان حافظًا للفقه، عالمًا بمذهب مالك وأصحابه. قدم الى الشورى وهو ابن

ثلاثين سنة. وكان ورعًا زاهدًا وصار في آخر عمره متبتلًا منقطعًا معتزلًا عن جميع الناس. قال غيره: وكان ثبتًا سليمًا طرح الدنيا عندما تمت له. وصارت إليه رئاسة قرطبة بالعلم والشرف والقرب من الخليفة، وصيّر قاضي الجماعة فزهد في ذلك كله في عنفوان شبابه، فلزم بيته وأطرح السلطان والفتيا، وعهد ضيعته، وباع دابة ركوبه، ولزم غرفة باب داره منفرًا لعبادة ربه، ويأكل ما يصنع بيده مثل بقل الفحص وما أشبه ذلك، ولبس الصوف وتوسّد الأرض، واعتزل امرأته باختيارها المقام معه، وكان لا يجالس أحدًا البتة. قال القاضي موسى: كان أبو بكر فقيهًا قد عني بالحديث والمسائل، وكان ذا رئاسة في العلم والخبر، وشوّر وعظم جاهه، ثم أوقع الله تعالى في نفسه حب الآخرة والزهد في الدنيا، فزهد في الدنيا ولزم العبادة الى أن مات. وكان ابتداء تبتله عند انصرافه من دفن أبي بكر البيري الزاهد صاحبه، وكان يجالسه، وهو سهّل الطريق له الى العبادة بتدريج حتى تم له مراده، فكان يصوم النهار ويقوم الليل، حتى مات. وكان يخدمه أيام نسكه أبو بكر القرشي الزاهد، قال القاضي يونس الصفار: فعدت الى المعيطي في تبتله مرة في الجامع فوجدته على ما

<<  <  ج: ص:  >  >>