مالكيًا، وحقق لي ذلك بعض من ذاكرته من شيوخنا المغاربة الراحلين. وحكى لي بعض من لقيته من أهل المشرق أنه شافعي المذهب، واحتج بشرحه لألفاظ مختصر المزني الذي سماه حلية الفقهاء، وله من التواليف غير كتاب: فقيه العرب، وكتاب مجمل اللغة المشهور المعترف بتفضيله على سائر المؤلفات في هذا الباب، وكتاب الاتباع والمزاوجة في جزء. وكان أديبًا شاعرًا مجيدًا في ذلك، وقد ذكره أبو منصور الثعالبي في يتيمته في جملة شعراء
أهل الجبل من كتابه. وحكى عنه أنه ألّف للصاحب ابن عباد كتابًا سماه كتاب المجد ووجهه إليه. فقال الصاحب: وذو المجد حيث جاء ثم قبله ووصلَه. وله رسالة مشهورة حسنة طويلة كتب بها الى بعض الكتّاب في شأن كتاب الحماسة ذكرها الثعالبي، ومما أنشد له الثعالبي قوله:
يا ليت لي ألف دينار موجّهة … وإن حظي منها فلس إفلاس
قالوا فما لك منها؟ قلت: يخدمني … لها ومن أجلها الحمقى من الناس
[محمد بن عبد الله البصري]
من أصحاب الأبهري، وكان فقيرًا متقنعًا منقبضًا متنسكًا، لم يكن له بيت، إنما كان يأوي الى المساجد، ويودع كتبه عند إخوانه، وكانت له كتب كثيرة، وكان ما يقع له يبتاع به كتبًا، وكان الناس يعرفونه بالشهرة بالعبادة وطلب العلم، وكان الأبهري يحبه ويجلّه، وتوفي بهمدان ﵀.