للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربّي لترضى. ففاضت نفسه. قال اللبيدي: رأيت أبا إسحاق الجبنياني، ومسرة جالسين في جنازة، وعلى مسرة جبة صوف. فقال له الجبنياني: من أين لك هذه، يا أبا بكر؟ قال: من سوق المسلمين. فقال له أبو إسحاق: سبحان الله تشتري من السوق، وفيه تخليط، وأنت يقتدى بك؟ فقال مسرة فمن أين هذه الدراعة التي عليك - وعليه مرقعة بخرق المزابل - فقال له: أصلها منذ ثلاثين سنة، عملتها لي أختي، بموضع كذا، كشف عن أصله، فقال مسرة: موضع السراق أنت يا أبا إسحاق. أنت رجل مجنون - لتضييقه على نفسه، وتتبعه غاية الأمور، التي ليست لها غاية - فقال له أبو إسحاق: صدقت. كان معلمي يقول لي: إنك مجنون. ثم أقيمت الصلاة. فقدم مسرة، أبا إسحاق، ثم أتي بالجنازة، فقدمه أيضًا. وكان الميت ابن أخي مسرة. فلما فرغا جرى بينهما حديث، ودعاء وتوادعا، وتصافحا. وكان كل واحد منهما، يجلّ قدر صاحبه، ويعرف له فضله. قال اللبيدي: فما علمت أنهما

اجتمعا بعد ذلك اليوم. مات أبو إسحاق، ومات مسرة بعده، بنحو ثمان سنين. قال: وكنت عنده قبل موته، بثلاث سنين، حتى جاءه رجل، فقال: رأيت أبا إسحاق في المنام واقفًا، فصاح ثلاث صيحات: يا مسرة، يا مسرة، يا مسرة. فقال: اما ثلاث ساعات، فقد ذهبت، وأراني أموت الى ثلاثة أيام، أو ثلاثة شهور، أو ثلاث سنين. فأرخنا الرؤيا فمات لثلاث سنين. توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثماية.

[محمد بن حكمون الربعي الزيات]

أبو الكم. سمع من ابن مسرور الغسال وغيره، وهو الذي جاء

<<  <  ج: ص:  >  >>