للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد موته، فسألته: من على الحق؟ أنت أو أبو إسحاق؟ فسكت. وأمسكت بعضده، فكان يقول بصوت خفي: التونسي. ومات أبو إسحاق بعد هذا بسنين، فرأيته أول فتنة القيروان، وكان ابتداء فتنتها سنة اثنتين وثلاثين بالقيروان. ورثاه أبو علي ابن رشيق بقصيدة فريدة أولها:

ليس امرؤ صاحب الزمان بباقي … والخلق مرجعهم الى الخلاق

يا للرزية في أبي إسحاق … ذهب الزمان بأنفس الأعلاق

ذهب الزمان بخاشع متبتل … تبكي العيون عليه باستحقاق

ذهب الحمام ببدر تمّ لم يدع … منه التقى إلا هلال محاق

صبرنا الى الحال التي من أجلها … كنا نعد الدمع في الآماق

فاليوم أغلق كل فهم بابه … لما فقدنا فاتح الأغلاق

ما القيروان أذقت ثكلك وحدها … قد ذاق ثكلك سائر الآفاق

وإذا مصارمة الصروع تخاطرت … وأتاك ابراهيم بالمصداق

زدت شفاء بها الى لهواتها … من بعد نا نفدت على الأشداق

دنياك قدمًا كنت قد طلقتها … ما اليوم حين فجعته بطلاق

[أبو الحسن علي بن تمام المعروف بابن بنت المهدي]

وغلب عليه اسم عند الناس المهدي. أحد فقهاء هذه الطبقة في وقته بالقيروان. وله صيت وأتباع كثيرة وصلابة في القيام، في تغيير النكرات والتكلم بالحق، ومكانة عند السلطان. وهي عنده في حوائج الناس وأمور العامة، وهو كان أحد القائمين على القاضي أبي بكر ابن أبي زيد والمحسنين في عدواته، كما ذكرناه في خبره. وكان قد خالفه في أمر العيد، إذ كان القاضي المذكور قد أمر بأن العيد من غدهم. لما ثبت عنده، وعند السلطان،

<<  <  ج: ص:  >  >>