للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عالمًا بالحديث، ضابطًا لما رواه، متصرفًا في علم النحو واللغة، حسن الخطابة والبلاغة. لين الكلمة، متواضعًا. وكان مع ذلك ذا غور ودهاء. وسمع منه كثير، وبخط الحكم أمير المؤمنين، وذكره فقال: هو فقيه بمذهب مالك، حافظ متقدم، من أهل المعرفة بالحديث والرجال. له حظ من الأدب. لم يلِ القضاء بقرطبة أفقه منه، ولا أعلمه، إلا منذر بن سعيد. لكنه أرسخ في علم أهل المدينة، من منذر. قال ابن مفرج: كان ابن السليم راسخًا في العلم، مجتهدًا في طلبه، عالمًا بالحديث والفقه. قال غيره: جمع الى الرواية الواسة جودة استنباط الفقه، والفتيا والحذق بالفرائض، والحساب والتصرف في البلاغة، والشعر والافتتان في العلوم، وكان جماعة من

كبراء العلماء بالأندلس ممن أدركوه قاضيًا. وذكره الحميدي، وأبو عبد الله في تاريخه، كان مع هيبته ورئاسته، حسن العشرة. كريم النفس كابن زرب، وأبي العباس المروقي، يقطعون على أنه لم يكن قط في قضاء الأندلس، منذ دخلها الإسلام الى وقته، قاضٍ أعلم منه. قال أبو محمد الباجي: فما رأيت في المحدثين مثله، وله كتاب التوصل مما ليس في الموطأ. واختصار كتاب المروزي في الاختلاف. وكتاب المحسن في الحديث.

[ذكر ورعه وزهده وفضله]

وكان مع علمه من أهل الزهد والتقشف والبر. طال هربه من السلطان الى أنشبه المقدار. نال رئاسة الدين والدنيا بالأندلس، فما استحال عن هدية ولا غرته الدنيا بوجه. قال ابن مفرّج: وكان قد بلغ به التقشف وطلب الحلال، إن كان يصيد السمك بنهر قرطبة. ويبيع صيده. فيأخذ من ثمنه ما يقتات به ويتصدق بفضله.

<<  <  ج: ص:  >  >>