للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر أخباره مع بني عبيد وحسن مقامه في الدين]

كان أبو محمد شديد التنقيض لهم والتنير عنهم. قال بعض أصحابه: كنت معه يومًا بالمنستير، وكان يوم عاشورًا. فلما رأى بكى. فقيل له ما يبكيك؟ فقال والله ما أخشى عليهم من الذنوب، لأن مولاهم كريم، وإنما أخشى أن يشكّوا في كفر بني عبيد، فيدخلوا النار. قال ابن ادريس: كنت معه، فجرى ذكر صلاة الجمعة مع خطباء بني عبيد، فقال خلف. قال: لا. قيل له بنو عبيد أشرّ من هؤلاء. وكان الخطباء يدعون لهم، وكان كثيرًا ما يقول: اللهم العنهم، ما أقام أمرهم، وما صرفه، وعلّق اللعنة عليهم، كتعليق القلائد في أعناق الولائد. وكان عبد الله المعروف بالمحتال، صاحب القيروان، شدّ في طلب أهل العم، ليشرّقهم، فطلب الشيخ أبا سعيد ابن أخي هشام. وأبا محمد التبّان وأبا القاسم بن شبلون، وأبا محمد ابن أبي زيد، وأبا الحسن القابسي، . فاجتمعوا في مسجد ابن اللجام واتفقوا على الفرار. فقال لهم ابن التبان: أنا أمضي إليه، وأكفيكم مؤونة الاجتماع، ويكون كل واحد منكم في داره. ويقال إنهم أرادوا السير الى عبد الله. فقال لهم: أنا أمضي إليه، أبيع روحي من الله دونكم، لأنكم إن أتي عليكم، وقع على الإسلام

وهن. ويقال إنه قال لعبد الله: لما دخل عليه جئتك عن قوم إيمانهم مثل الجبال، أقلّهم يقينًا أنا. فحدث بعض من حضر، قال: كنت مع عبد الله، وقد احتفل مجلسه بأصحابه، وفيهم الداعيان: أبو طالب، وأبو عبد الله. لعنهم الله. وقد وجه الى ابن التبان، فإذا به داخل، وعيناه توقدان، كأنهما عينا شجاع. فدخل وسلم. فقال: أبطأت عنا يا أبا محمد. فقال: في شغلك، كتاب ألفته في فضائل أهل البيت الساعة. أتاني به المجلد، ودفعه إليّ. فقال: يا أبا محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>