وكان بجوار أبي ميسرة أسود ينهب ويسرق، ولا يبالي ما يصنع. فقال له الجيران: ارحل عنا. فشتمهم. فأتوا أبا ميسرة، وسألوه الدعاء عليه. فقال: اللهم إنه عبدك ونحن نخافه، لأنه لا يخافك. فصلّحه. وإن لم يسبق في علمك إصلاحه، فخذه، وأزل عنه حلمك، وفاجئه بسوطك، ونقمتك. فلما
أصبح أخرجه الشرطة، وضربوا عنقه. وحمل مرة خبزته الى الفرن، فخرج من الفرن خبز للبيع، فإذا بسائل يسأل، فلم يطعمه أصحاب الخبز شيئًا. فاشترى منها خبزة. ودفعها أبو ميسرة الى السائل. فلما انصرف الى المسجد وقت الصلاة، وجد الخبزة فيه. وقال رجل لأبي ميسرة: ادع الله أن يغنيني عن الهم كله. قال: ما دمت في الدنيا فلابد لك من الهم. وشكا إليه بعض إخوانه، بعد عهده به، فقال: إنما فائدة الاجتماع الدعاء. فإذا ذكرتني، دعوت لي، وإذا ذكرتك دعوت لك. فكأنّا التقينا، ولم نلتق. وقال له رجل: فلانة تقرئك السلام. فقال: لا يبلّغ الرجال عن النساء السلام.
[بقية أخباره ووفاته]
قال أبو بكر بن سفيان: دخلت إليه، فسألته عن حاله. وكنت لم ألتح. وكان ضعيف البصر فقال: معك أحد. فقلت: لا. فقال: اخرج، فإذا جاء أصحابك، دخلت معهم. قالوا: وأتت إليه امرأة تسأله عن شيء. فقال: ارفعي صوتك. قال: خفت أن تمرض كلامها. وجاز في بعض طريقه الى جبانة. فرأى رجلًا قد مكنته امرأة من نفسها، فقال: لا حول، ولا قوة، إلا بالله. وقصد إليهما. ففرّ الرجل، وقصدت المرأة أبي ميسرة، وتعلقت به، وقالت: يا معاشر المسلمين، هذا راودني