سحنون يقرأ للناس، إذ أتاه الخبر بما أزاح الله عنه. وقيل: لو ذهبت إلى علي بن حميد فشكرته. قال: لا أفعل. قيل له: لو وجهت ابنك لذلك، فأبى. قيل: فاكتب إليه. فأبى. قال: ولكني أحمد الله الذي حرك علي بن حميد، لهذا. فهو أولى بالشكر، وأقبل على إسماعه. فقال له قوم من أصحابه: لهذا والله كتب اسمك بالحبر على الرقرق. قال ابن وضاح: كنت عند سحنون، فجاءه إنسان، فساره بشيء، فتغير لونه، ثم جاءه آخر فساره، فرجعت إليه نفسه. ثم قال: لم أبلغ أنا مبلغ من ضرب. إنما يضرب مثل مالك، وابن المسيب. ولما ولي أحمد بن الأغلب الإمارة، وأخذ الناس بالمحنة بالقرآن، وخطب به بالقيروان، توجه سحنون إلى عبد الرحيم الزاهد بقصر زياد، فارًا. فكان عنده. فوجه في طلبه إلى هناك رجل، يقال له، ابن سلطان، وكان مبغضًا في سحنون، فظًا غليظًا. أختاره في ذلك في خيل، وجهها معه. فلما وصل إلى سحنون، قال له ابن سلطان: وجهني الأمير إليك، وقصدني فيك لبغضي فيك، لأبلغ منك، وقد حالت بغيتي عن ذلك. وأنا ابذل دمي دون دمك، فاذهب حيث شئت من البلاد، أو أقم، فأنا معك. فشكره سحنون، وقال له: ما كنت أعرضك لهذا. بل اذهب معك، وخرج، فشيعه أصحابه. فقال عبد الرحيم للرسول: قل للأمير أوحشتنا من صاحبنا وأخينا في هذا الشهر العظيم. وكان شهر رمضان، سلبك الله أنت فيه وأوحشك منه، وفي رواية: عرضتني في ضيفي، فو الله لأعرضنك على رب العالمين. فلما وصل