للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قارئ محسن سورة، فبكى وانتحب، ثم شهق وغشي عليه، حتى ظن أنه مات، ثم أفاق وبقي مهيضًا أيامًا. وكانت بينه وبين الفقيه أبي عبد الله ابن أبي زمنين، مهاداة أشعار في الذكرى، حسنة. منها مقصورة لابن أبي زمنين، ، أولها:

تذكر أخي مثواك في منزل الهلكى … رهينًا به لا تستجيب إذا دعا

وهي طويلة. أجابه عنها ابن هذيل بأخرى أولها:

أخي غاية قصوى ومن لي بالقصوى … وقد بلدت خيلي وعن مثلها نعني

وكان قال الشعر في المكتب. فكان معلمه يعجب منه، الى أن دخل عليه يومًا رجل من حكماء وقته، فأخبره بخبره. فقال له: أرنيه. فقال له: لا، ولكن تفرسه في صبياني. فقال: إن كان فهو ذلك، فقال له المعلم: صدقت. فمن أين تفرسته؟ فقال: أما تراه صبيًا أسمر معربًا على خلقة العرب. ثم قال له أجز: لستَ من الشعر ولا صوغه. فقال له ابن هذيل سريعًا: فدع مقال الشعر لا تبغه. فصفق الرجل بيديه، وحوقل، وقال له: أحسن ما سمعت مع البديهة وصعوبة القافية. ومن أخباره: أن الناصر كان قد أنذر الخطباء والشعراء بحضور خيل الحلبة في المهرجان، قال ابن هذيل: فجاءني الأمر بذلك، عشي نهارها. فخلوت بقية يومي والنصف من ليلتي، لم أنظم كلمة. فأويت الى فراشي، فأخذتني عيني، فكنت أرى شخصًا في المنام يقول لي: ترقد يا أبا بكر، ولم يفتح عليك. ثم يقول:

مشاهد يلزمنا حضورها … للخيل حتى تنقضي أمورها

وهببت سريعًا وقد توقد خاطري وافتتحت بهذا الابتداء، وانثالت علي

<<  <  ج: ص:  >  >>