وقد جمع، وتفسير رواه عنه بعض أصحابه، وقد جمع أبو محمد مكي مصنفًا فيما روي عنه من التفسير والكلام في معاني القرآن وأحكامه مع تجويده له وإحسان ضبط حروفه، وقد ذكره أبو عمرو المقري في كتابه في طبقات القراء المتصدرين وذكر رواية عن نافع، قال البهلول ابن راشد وغيره ما رأيت أنزع بآية من مالك بن أنس مع معرفته بالصحيح والسقيم والمعمول به من الحديث المتروك، وميزة الرجال وصحة حفظه وكثرة نقده إلى ما يؤثر عنه من الكلام في غير ذلك من العلوم كرسالته إلى ابن وهب في الرد عى أهل القدر، وكقوله: جالست ابن هرمز ثلاث عشرة سنة، ويروى ست عشرة سنة في علم لم أبثه لأحد من الناس.
قال: وكان من أعلم الناس بالرد على أهل الأهواء، وبما اختلف فيه الناس، وقال المهدي: أخبرني بعض نقاد المعتزلة من القرويين قال: أتيت مالك بن أنس فسألته عن مسألة من القدر بحضرة الناس فأومأ إلي أن اسكت فلما خلا المجلس قال لي سل الآن وكره أن يجبني بحضرة الناس.
قال: فزعم المعتزلي أنه لم تبق مسألة من مسائلهم إلا سأله عنها وأجابه فيها، وأقام الحجة على أبطال مذهبهم حتى نفذ ما عند المعتزلي وأقام عنه، وتأليفه في الأوقات وفي النجوم وإشاراته إلى مأخذ الفقه وأصوله التي اتخذها أهل الأصول من أصحابه معالم اهتدوا بها وقواعد بنوا عليها وغيره ممن ذكرنا، لم يجمع هذا الجمع ولا وصل هذا الحد مع اشتغالهم الفقه ووصفهم بالعلم ولكن فوق كل ذي علم عليم، مع الثقة التامة والتقوى وشدة التحري في الحديث والفتيا.
وبهذا الوجه احتج الشافعي على محمد بن الحسن في ترجيح علم مالك على علم أبي حنيفة حين تناظرا في ذلك فقال له الشافعي: الإنصاف تريد أم المكابرة.