في دار واحدة. فطال مرضه أربعة أشهر. فلم يزره عيسى، ولا وقف على بابه، ولا سأله عن حاله، فبلغ ذلك من ابن البناء. فعتب عليه فيه، وفوض عيسى بن مسكين في ذلك، وتوجه إليه فيه، أبو سعيد بن محمد بن سحنون وغيره، وقالوا له: ابن البناء قد لحق بالمشائخ، وجعل فقهه لك لسانًا، وكاتبًا. وهو معك في دار واحدة، ومرض أربعة أشهر، فما وقفت عليه يومًا واحدًا، ولا سألته عن حاله. فقال: اللهم المستعان. فلما ألحوا عليه، قال: إني في بلد غصب. فما كان الله ليراني أمشي فيه، واحدًا في موضع لم أجبر عليه. فما رئي قط يمشي في غير طريق داره. ولا أتى المسجد إلا يوم موت أم الأمير ابراهيم، وأرسل إليه، أن يصلي عليها. فلم يجد بدًا من ذلك. قال أبو العرب: حضرت بالساحل، وقد كلّف إنسانًا شراء زيت، فاشترى له من نصراني زيتًا طيب الأصل، وأخبره أنه زاده فيما اشتراه عشرة أقفزة. حين علم أنه له. وذلك بعد صرفه عن القضاء. فأطرق مليًا ثم رفع رأسه إليه، فقال: شكر الله سعيه. لعلك تتم أجمالك بصرف زيته إليه، وتأتيني بديناري بعينه. وإلا فأترك الزيت له. وخذ منه دينارًا. وتصدق به.
ففعل ذلك. ثم اعتذر له عيسى. لئلا يقع في نفسه شيء. وقال خفت حكم الآية قوله تعالى: لا تجدُ قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر الآية. واشتهى يومًا لحمًا فاشتُري له، فأعجبه. فقيل له: إنه معلوف. فأبى أن يطعمه فسئل عن ذلك. فقال: المعلوف عندنا يعيش على زيتون الناس، وزرعهم. قال السدى: أتى عيسى عشية،