للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لائم. وقدّم للشورى على يد القاضي ابن أبي عيسى، دل عليه وليّ العهد الحكم، في عدة أُريدوا لها، فكملت عدتهم إذ ذاك ستة عشر مشاورًا. قال القاضي أبو الوليد بن الفرضي: كان حافظًا للفقه على مذهب مالك وأصحابه، متقدمًا فيه، صدرًا في الفتوى. وكان يناظر عليه في الفقه. وقد حدث وسمع منه جماعة. وكان وقورًا مهيبًا. ولم يكن له بالحديث كبير علم. قال مؤرج الطليطلي، وذكره: كان أبو ابراهيم زاهدًا عابدًا، عالمًا، لم يكن في عصره أبرّ منه خيرًا، ولا أكمل ورعًا. من المشاهير في الجمع والعلم والحفظ. مهيبًا مطاعًا، صليبًا في الحق. لم يكن يتكلم مع أصحابه بالتسهيل. كان من الراسخين في العلم. ومن تأليف أبي ابراهيم: كتاب النصائح المشهور، وكتاب معالم الطهارة والصلاة. وكان الحكم أمير المؤمنين معظمًا له. وكان إذا دخل عليه يمد رجليه أمامه، ويعتذر لشيخته، فيقول له الحكم: لا مؤونة عليك منا، اقعد كيف شئت. وكان صليبًا، قليل الهيبة للملوك، متصرفًا مع الحق حيث ما تصرف. جالس يومًا الحكم، فذاكره أبوابًا من العلم وأخبار السلف، الى أن وقع الحكم، فذكر رجلًا من القرطبيين، وثلبه، فسكت عنه أبو ابراهيم، ونكس برأسه، ولم يأخذ معه في شيء من ذكره. فوجد الحكم من ذلك. ثم رجع الى ما كانوا فيه من ذكر الصالحين. فانبعث معه أبو ابراهيم، ثم عاد الى ذكر الرجل، فأقصر أبو ابراهيم وعاد الى حاله الأول من الإطراق والوجوم. فأقصر الحكم عن ذكره. ورابَه أمر أبي ابراهيم، فأنشد متمثلًا بالبيتين المشهورين في مدح مالك بن أنس، ورضي عنه وأرضاه:

يأبى الجواب فما يراجع هيبة … والسائلون نواكس الأذقان

هدي العلوم وعز سلطان التقى … فهو المطاع وليس ذا سلطان

ولما أخذت الشهادات على أبي الخير المسمى بأبي الشر، الزنديق، أفتى

<<  <  ج: ص:  >  >>