للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترتفع، من ورع لم يتسع. وكثيرًا ما يقول: خمسة تعاونوا على هلاك ابن آدم المسكين: مؤمن يحسده، وكافر يرصده، وشيطان مارد، ودنيا حاضرة، ونفس أمارة بالسوء، وكان يقول: إذا رأيت الشاب قذرًا، في شبيبته، فإذا كبر يكون شيخ سوء. ويقول: إذا رأتك زوجتك وولدك وخادمك تعصي الله، كان أول من يذلك: هم. وقيل له يومًا: ما أقل من يأكل الحلال. فقال: ما أقل من يكسب حلالًا. والدار يكون فيها من الأهلين العشرة وأكثر، ينقلب لهم المسكين الساعي عليهم، فيأكلونها وهم لا يعلمون من أين هي، حلالًا. ويكسبها المسكين حرامًا وحلالًا. قال أبو الحسن القابسي: لما خرجنا عنه هربت من يد صبي دابة، كان يمسكها لنا. فقلت: أعطوها لصبي لا يقوم بها فضاعت فقال لي أبو إسحاق: قد اغتبته. فقلت له: وصفته بحاله وقلة مقدرته. وفي السنّة ما يبيح ذلك. فقال: وأين هو؟ قلت قوله التي شاورته في النكاح: أما أبو جهم فلا يضع عصاه على عاتقه. وأما معاوية فصعلوك لا مال

له. قال، فقال لي: ليس في هذا حجة. لأن المستشار مؤتمن. وأيضًا، فإنما مشاورته لتنكح برأيه، يدخلها في النكاح، أو يصرفها عنه. وليست مسألتنا كذلك. بل في السنّة ما يمنعك من ذلك. وذلك أن النبي أتاه طبيبان، وكانا نصرانيين، فلما خرجا، قال: لولا أن تكون غيبة لأخبرتك أيهما أطبّ. قال أبو الحسن: ولم أكن أعرف أنهما نصرانيان قبل ذلك، قال: فهذا رسول الله كره في نصرانيين أن يخبر أيهما أطبّ، فكيف بمسلم؟ ثم قال لي: أرأيت هذا الصبي، لو سمعك أليس كانت توجعه نفسه، وأيهما كان أحب إليك، تجد

<<  <  ج: ص:  >  >>