للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بويه الديلمي، يحب العلم والعلماء. وكان مجلسه يحتوي منهم على عدد عظيم في كل فن، وأكثرهم الفقهاء والمتكلمون. وكان يعقد لهم للمناظرة مجالس. وكان قاضي قضاته بشر بن الحسين، معتزليًا. فقال له عضد الدولة، يومًا: هذا المجلس عامر بالعلماء إلا أني لا أرى فيه عاقدًا من أهل الإثبات - يعني مذهبهم - والحديث يناظر فقال له قاضيه: إنما هم عامة، أصحاب تقليد ورواية، يروون الخبر وضده، ويعتقدونهما جميعًا. ولا أعرف منهم أحدًا يقوم بهذا الأمر. وإنما أراد ذمّ القوم، ثم أقبل يمدح المعتزلة. فقال له عضد الدولة: محال أن يخلو مذهب طبق الأرض من ناصرٍ، فانتظر أي موضع فيه مناظر، يكتب فيه فيجلب. فلما عزم عليه. قال القاضي: أخبروني أن بالبصرة شيخًا، وشابًا، الشيخ يعرف بأبي الحسن الباهلي. - وفي رواية بأبي بكر بن مجاهد - والشاب يعرف بابن الباقلاني. فكتب الملك من حضرته يومئذ يشير الى عامل البصرة، ليبعثهما. وأطلق مالًا

لنفقتهما من طيب ماله. فلما وصل الكتاب إليهما، قال الشيخ وبعض أصحابه: هؤلاء قوم كفرة فسقة - لأن الديلم كانوا روافض - لا يحل لنا أن نطأ بساطهم، وليس غرض الملك من هذا إلا أن يقال إن مجلسه مشتمل على أصحاب المحابر كلهم، ولو كان خالصًا لله، لنهضت. قال القاضي: فقلت له: هكذا قال ابن كلاب والمحاسبي، ومن في عصرهم، إن المأمون فاسق، لا نحضر مجلسه، حتى سيق أحمد بن حنبل الى ظرسوس، وجرى عليه بعده ما عرف. ولو ناظروه لكفوه عن هذا الأمر، وتبين لهم ما هم عليه بالحجة، وأنت أيضًا أيها الشيخ تسلك سبيلهم حتى يجري على الفقهاء ما جرى على أحمد، ويقولوا بخلق القرآن، ونفي الرواية؟ وها أنا خارج

<<  <  ج: ص:  >  >>