الله تعالى في العين، وهو البصر، ولو كان الشيء يرى بالعين لكان يجب أن ترى كل عين قائمة، وقد علمنا أن الأجهر عينه قائمة ولا يرى شيئًا. فقال النصيبيني: لم أعلم أنه يقول هذا، وظننت أنه يسلّم قولي. وجرى له في هذا المجلس كلام كثير، أعجب به الملك. ولم يزل يحلو له كلامه، ويزحف عن سريره، حتى نزل عنه. وحصل بين يديه. ثم أقبل الملك على قاضي القضاة، فقال له: ألم أقل لك مذهب طبق الأرض، لابد له من ناصر؟ قال القاضي: فلما انقضى المجلس، صحبني بعض الحجّاب الى منزل هيأ لي فيه، جميع ما نحتاج إليه، فسكنته. ولم يزل مع الملك الى أن قدم بغداد، ودفع إليه الملك ابنه، يعلمه مذهب أهل السنة. وألّف له التمهيد. وأخذ عنه إذ ذاك، أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي، وجماعة من أهل السنّة، بشيراز. وقرأوا عليه شرح اللمع، قال، وقال الملك لقاضيه: فكرت بأي قتلة أقتله، بجلوسه حيث جلس بغير أمري. وأما الآن، فقد علمت أنه أحق بمكاني مني. وحكى القاضي أبو الوليد الباجي عن أبي ذر الهروي، قال: أول معرفتي بالقاضي أبي بكر، وأخذي عنه، أني كنت ماشيًا مع الشيخ أبي الحسن الدارقطني، في بعض أزقة بغداد، إذ لقي شابًا فسلم عليه، واحتفل به. ورأيت من تعظيم الشيخ أبي الحسن له، وإقباله عليه ودعائه له ونحو هذا، ما عجبت منه. فقلت له: من هذا؟ فقال لي: هذا أبو بكر ابن الطيب، الذي نصر الله به أهل السنّة. وقمع به أهل البدعة. أو كما قال.