للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجيدًا. وكان من الصالحين المتقين الزاهدين الخائفين، وكان أعمى لا يرى شيئًا وهو مع ذلك من أصح الناس كتبًا وأجودها ضبطًا وتقييدًا. يضبط كتبه بين يديه ثقات أصحابه، والذي ضبط له في البخاري سماعه على أبي زيد بمكة أبو محمد الأصيلي بخط يده، وكان يزور الشيخ الزاهد أبا إسحاق الجبنياني فدعا له. قال أبو الحسن: قلت له - يعني عند رجوعه أول ما زاره - أذكر لك اسمي فمتى ذكرتني دعوت لي، فقال: بل أدعو لك في جملة

المسلمين، فقلت: بل تخصني، قال: أرأيت من أودع وديعة فضيعها، أليس يضمن كالمعتدي؟ قلت: بلى فما دعا الإنسان الى شيء أن ضيعه ضمنه. قلت لا عليك أن أعرفك باسمي فإن نشطت للدعاء دعوت وإلا تركت، فلما رآني كئيبًا إذ لم يقبل مسألتي، قال لي: ما اسمك؟ قلت: علي، قال لي: أبشر يا علي أعلى الله قدرك في الدنيا والآخرة، فلما قدمت دابة أبي الحسن أخذ الجبنياني بركابه، وكانت عادته لمن قبله علم أو خير. قال الشيرازي: وجلس مجلس ابن شبلون بعد وفاته. وكان أبو سعيد ابن أخي هشام يعظم الشيخ أبا الحسن ويقول: الشيخ أبو الحسن لا يحاسب على مكيال ولا ميزان. وإن كان لا يدخل الجنة إلا مثل أبي الحسن فما يدخلها منا أحد. وذكر ابن سعدون أن أب الحسن لما جلس للناس وعزم عليه في الفتوى تأبّى وسدّ بابه دون الناس، فقال لهم أبو القاسم ابن شبلون اكسروا عليه بابه لأنه قد وجب عليه فرض الفتيا، هو أعلم من بقي بالقيروان، فلما رأى ذلك خرج إليهم ينشد:

لعمر أبيك ما نُسب المعلى … الى كرم وفي الدنيا كريم

ولكن البلاد إذا اقشعرّت … وصوّح نبتُها رُعِي الهشيم

<<  <  ج: ص:  >  >>