استخلف. فاستخلف قاسم بن الفضل ابن أبي مسلم. وتخطط بالفقهاء. وسافر، فحجّ وسمع من أبي ذر، وأبي عبد الله الصوري، وانصرف. فرجع الى قضائه. وكان على مكانه من الجلالة، كثير التواضع، يمتهن نفسه، في نتاول أسبابه وفلاحته جنته. ويمتطي حمارًا له في تصرفاته. حدّثني من رآه متحزمًا في جنته بالميناء، ينظر في بعض مصالح غراستها. وحدثني غير هذا: أنه كان في بعض أزقة الميناء، إذ سمعت الناس يقولون: القاضي. ويتأهبون لحضوره. قال: فإذا بشيخ طويل القامة، أبيض اللحية، طويلها، يمشي وبيده قفة، فيها آلة الفلاحة. قد سترها بطنب غفارة عليه. وإذا به القاضي منصرفًا من جنته تلك. وخيره مع الغربيين اللذين قصداه، فألفياه بجنته. فدقا عليه الباب، فخرج إليهما في صورة خدمة الجنات، فعرّفاه أنهما يريدان لقاء القاضي، وهما يظنان أنه أجيره. فقال لهما: ترونه إن شاء الله تعالى. فلما قضى شغله لبس ثيابه، وركب حماره، وانصرف الى المدينة والرجلان معه. وتبين لهما من إجلاله وإكبار الناس له، أنه القاضي، فاعتذرا له، فهون عليهما ونظر في قصتهما. ومن خبره أن إدريس بن علي الحسني، أمير سبتة إذ ذاك، رأى هلال شوال في جماعة من أصحابه، ولم يره أحد من أهل سبتة سواهم. فقال له بعض أصحابه: إدفع شهادتك الى القاضي، وثبات ذلك عندك وصحته. فقال لهم ابن حمود: ذلك لا يغني عنده شيئًا، فأنكروا ذلك عليه. فقال لهم: سترون. ووجه إليه بعض ثقاته، يخبرونه برؤيتهم الهلال. ويأمه بالخروج من عندهم الى الصلاة، مع الناس. فقال لهم: إن كان ثبت عندي شيء يوجب أمرًا الى الآن. فرجع الرسول إليه. فقال لهم أبيتم إلا فضيحتنا.