سبع وسبعين. فلقي ابن الأدفوي، وابن غلبون بمصر، وحجّ عامه. ثم عاد مكة، سنة سبع وثمانين. فأقام بمكة أربعة أعوام، وتحول في رحلته، فلقي من المحدثين
والفقهاء جماعة، منهم: أبو القاسم السقطي، وأبو الفضل أحمد بن عمران الهروي، وأبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا البسري، وعبد الرحمن بن علي العباسي، وأبو الحسن المطوَّعي، وصدقه بن أحمد الزقي، وغير هؤلاء. وانصرف الى القيروان سنة اثنتين وسبعين، ودخل قرطبة أيام المظفر ابن أبي عامر، سنة ثلاث وتسعين ولا يؤبه به الى أن تنبه لمكانه ابن ذكوان القاضي، فأجلسه في المسجد الجامع، فنشر علمه وعلا ذكره ورحل إليه الناس، ثم وليَ الخطبة والصلاة مدة، الى أن أقعده عنها الخوف. وكان رسوخه في علم القرآن وتفننه فيه، قراءات وتفاسير ومعاني، نحويًا لغويًا فقيهً راوية. وليَ الشرى وصنف تصانيف جليلة في علوم القرآن، وغير ذلك. ومن أشرف تصانيفه كتاب الهداية في التفسير، وكتاب الكشف في وجوه القراءات، واختصار الحجة للفارسي، وكتاب إعراب القرآن، وكتاب الإيضاح في ناسخه ومنسوخه. وهو كتاب حسن، وكل تواليفه حسنة، وكتاب المأثور عن مالك في الأحكام، والتفسير والتبصرة والموجز، واختصار أحكام القرآن، والإيجاز واللمع في الإعراب، وانتخاب نظر القرآن للجرجاني، والواعي في الفرائض وغير ذلك. وأخبرني شيخنا الفقيه أبو إسحاق ابراهيم بن جعفر أن له تصنيفًا روى عنه جلة الناس، كأبي عبد الله بن عتاب، وأبي فلان الباجي، وحاتم الطرابلسي، وأبي محمد بن سهل المقري، وبعدهم أبو الأصبغ ابن سهل، وآخر من حدث عنه بالإجازة، شيخنا أبو محمد بن عتاب، وتوفي ﵀ صدر محرم، سنة خمس وخمسين وثلاثماية.