للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريهم أنه يأخذ معهم في أمر من أمر النصارى غدوة، فحضروا، وربما اجتنبوا حضور قصره، إذ كانوا في ظهيرة من عامة بلدهم، فلما نزلوا بموضع، ترك لهم استدعاءهم واحدًا واحدًا، فيعدل بالداخل الى موضع قد أعد له فيه قيود وحداد، ففرق بينهم ستتهم، وسخط على قاضيهم فعزل وحوسب على ما جرى على يده، وبلغت العامة القصة

فهموا بالنفور الى السلاح، على عادتهم لقصرهم، فإذا بمنادي السلطان في الجند بالسيف على من أعلن أو نطق. فسكن الناس واستبيحت دور الممتحنين. وكان ذلك في جمادى الأولى من سنة ستين وأخرج القوم يومهم الى قلعة كونكة، واسكنوا المطبق وأزعج قاضيهم الى وتده. واتهم بالسعي عليهم ضدهم كبير البلد أبو الطيب ابن أبي بكر يحيى بن سعيد بن أحمد الحديدي وبيته في العلم والرئاسة بطليطلة كما قدمنا شهرة وجلالة، فلم يزل القوم بهذا السبيل وقد خلت وجوههم لابن الحديدي وحاز رئاسة البلد وحده، الى أن مات المأمون وولي ولده الملقب بالقادر والحال لابن الحديدي حتى كأنه في حجره. فخاب حاله وقيل له لن تقدر عليه إلا بإخراج أضداده، فتستميل بهم الى العامة وتفترق العامة عنه. فأخرجوا ليلًا الى طليطلة، ودخلوا القصر سرًا، واستدعاه الى القصر فجاء على عادته، فلما رآهم سقط ما بيده. فتناولوه بالسبّ وقام بعض من كان في المحنة معهم بقتله مع اثنين من أصحابه الفقهاء، كانا قد تبعاه مستحسنين خبره فيمن تبعه من أشياخه، فجلسا بخارج القصر، الى أن حدثت الحادثة، فسعوا بهما ووقع الى العامة دسّ من الخبر، فهاجت فلم يرعها إلا الرؤوس مائلة والمنادي بين أيديهم والمشيخة الممتحنون خلفها يتقدمهم شيخاهم الفقيهان أبو جعفر بن مغيث وابن اللورانكي، وقد أصاب شيخهم ابن اللورانكي من العمى

<<  <  ج: ص:  >  >>