أن أبا جعفر قال لمالك ضع للناس كتابًا أحملهم عليه.
فكلمه مالك في ذلك فقال ضعه فما أحد أعلم منك.
فوضع الموطأ فلم يفرغ منه حتى مات أبو جعفر.
وقال أبو مصعب سمعت مالكًا يقول دخلت على أبي جعفر بالغداة حين وقعت الشمس بالأرض وقد نزل عن شماله إلى بساط وعلى البساط برذونان قائمان من حين دخلت إلى حين خرجت لا يبولان ولا يروثان أدبًا وإذا بصبي يخرج ثم يرجع، فقال أتدري من هذا؟ قلت لا؟ قال هو ابني وإنما يفزع من شيبتك وفي رواية إنه استنكر قرب مجلسك مني ولم يربه أحد قط، وحقيق أنت بكل خير وخليق بكل إكرام، وقد كان أدناه إليه وألصق بركبته فلم يزل يسألني حتى أتاه المؤذن بالظهر فقال لي أنت أعلم الناس وفي رواية أهل الأرض.
فقلت لا والله يا أمير المؤمنين.
قال بلى.
ولكنك تكتم ذلك.
وفي رواية فما أحد أعلم منك اليوم بعد أمير المؤمنين.
ولئن بقيت لأكتبن كتابك بماء الذهب، وفي رواية كما تكتب المصاحف ثم أعلقها في الكعبة وأحمل الناس عليها.
فقلت ياأمير المؤمنين لا تفعل فإن في كتابي حديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم وقول الصحابة وقول التابعين ورأيًا هو إجماع أهل المدينة لم أخرج عنهم، غير أني لا أرى أن يعلق في الكعبة.
قال: وقال له أبو جعفر وهو بمكة اجعل العلم يا أبا عبد الله علمًا واحدًا.
قال فقلت له يا أمير المؤمنين إن أصحاب رسول الله ﷺ تفرقوا في البلاد فأفتى كل في مصره بما رآه، وفي طريق، إن لأهل هذه البلاد قولًا ولأهل المدينة قولًا ولأهل العراق قولًا تعدوا فيه طورهم.
فقال أما أهل العراق فلست اقبل منهم صرفًا ولا عدلًا، وإنما العلم علم أهل المدينة فضع للناس العلم وفي رواية فقلت له إن أهل العراق لا يرضون علمنا.
فقال أبو جعفر يضرب عليه عامتهم بالسيف وتقطع عليه ظهورهم بالسياط وفي بعضه إن أبا جعفر قال له إني عزمت أن أكتب كتبك هذه