طعامًا وأكل معه، واقاما إلى قرب المساء ثم انصرفا. فلما أراد مفارقته استغفره ابن زرعة واعترف له بالخطأ، فقال أما هذا فلست اجعله حتى نخاصمك بين يدي الله، وأما أن ينالك منه شيء مكروه في الدنيا فلا. ومن طريق آخر أن الجند نزلوا في دار ابن زرعة بعد سبه له وملأوها سلاحًا. فلجأ إلى ابن غانم، فلما دنا من الباب تذكر، وقال بعد أن سببته أستنصره، فانصرف، ثم أعظم ما نزل به فرجع إليه، فلما دنا انصرف ثم رجع، فلما رآه ابن غانم قال مرحبًا بابن زرعة وأوسع مجلسه وقال له: ما جاء بك؟ فأخبره فقال يا غلام الرداء والنعال. فلبسهما ثم مضى إلى الأمير، فسأله إخراج الجند من داره، ففعل. وخرج ابن غانم مع جماعة إلى منزله ومعه سليمان بن زرعة وخرج بزوائله ومطانجه فنزل وقرب إليهم الطعام وفيه كنافة فجر رجل من القوم الزبد إلى جهته، فقال ابن زرعة: أخرقتها لتغرق أهلها؟ فقال ابن غانم: استهزاء بكتاب الله تعالى؟ لله علي أن كلمتك أبدًا. وانصرف راجعًا إلى القيروان. وهجا أبو المضرجي الشاعر بني غانم فاتصل ذلك بالقاضي فضجر منه واشتهر الشعر فقيل لابن غانم: ليس لك إلا أبا الوزن، فإنه يلقاه بكل ما يكره. وكان أبو الوزن مضحكًا ضعيف الشعر. فأتي به، فقال ابن غانم: بلغني أنك بعيد الصوت ونحن نريد من يؤذن في الجامع. وقال لبعض خدمه: ادفع لأبي الوزن خمسة أقفزة قمحًا
وخمسين قفيزًا زيتًا ومائة درهم، حتى ننظر في أمره. فلما قبض ذلك أبو الوزن قال للذي أتى به للقاضي: والله قصة، فإني لا أصلح أن أكون مؤذنًا، فأخبر بالأمر، فقال: قد كفي. فدخل يومًا على إبراهيم بن الأغلب في جملة الشعراء فنظر إلى الأمير ثم أنشده: