للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمضى ابونا الحق في الناس فاستوت … رعيته في العدل فاعتز دينها

فصلى عليه الله في مستقره … وسقاه من غر السحاب هتونها

قال القاضي أبو الفضل: ودخل على ابن غانم أبو الوليد المهدي اللغوي في مرضه الذي مات فيه، فقال له رفه الله ضجعتك من هذه العلة إلى إفاقة، وراحة، وأعاد عليك ما عودك من الصحة والسلامة، فطالما صححت وعوفيت أصلحك الله فاصبر لحكم ربك، فإن الله يحب أن يشكر على نعماه. فقال ابن غانم هو الموت والغاية التي إليها نهاية الخلق وما لا بد منه فصبر يؤجر صاحبه عليه خير من ضرع لا يقي عنه ثم تمثل:

فهل من خالد أما هلكنا … وهل بالموت يا للناس عار

وتوفى في ربيع الآخر سنة تسعين ومائة، وقيل ست وتسعين من فالج أصابه وقيل أن بصره كان قد كف والأول أصح، ويشهد له شعر حفيده قوله ولينا قضاء الغرب عشرين حجة وكان ولي القضاء سنة إحدى وسبعين وهو ابن اثنتين وأربعين وتوفي وهو قاض كما قدمناه ومولده سنة ثمان وعشرين ومائة مع البهلول بن راشد في ليلة واحدة. وذكر بعضهم أنه سمع عند موته صوتًا لا يرون شخصًا يقول:

زارت ذئاب بعد طول عوائها … لما تضمنه الضريح الملحد

وقيل بل رآه بعضهم في النوم ولما مات بكى عليه ابن الأغلب وجلس على كرسي ينتظر وقته، ووقف على قبره معه ابن عقال خال إبراهيم بن الأغلب، وجزع عليه، فسأله إبراهيم عن ذلك، فقال: كان لي صديقًا ودودًا. فقال إبراهيم والله ما ولينا أفريقية ولا أمنًا حتى مات. وكان علي الهمة لما مات قومت كسوة ظهره بألف دينار.

<<  <  ج: ص:  >  >>