للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن وردان، وهو أول من أدخل موطأ مالك وقراءة نافع الأندلس فيما قاله أبو عمرو المقرئ. قال: وشهد مالكًا وهو يؤلف الموطأ ظاهرًا، وانصرف إلى الأندلس بعلم عظيم، نفع الله به أهلها. وكان الغازي يقدم أو يؤخر فيرد عليه ذلك. وقصد قارئًا يومًا أن يقدم من أبواب الموطأ ويؤخرها، ليرى الناس حفظ الغازي فأنكر ذلك عليه، وقال إن عدت، لا تقرأ. إنما تريد أن تري الناس ما يكن يريد حفظه. روى عنه ابنه وابن حبيب وأصبغ بن خليل وعثمان بن أيوب، وقيل إنه عرض عليه

القضاء فأبى. قال أصبغ: سمعته يقول: والله ما كذبت منذ اغتسلت ولولا أن عمر بن عبد العزيز قاله ما قلته، وما قاله عمر فخرًا، ولا رياء، وما قاله إلا ليقتدى به. وشاوره مصعب بن عمران القاضي عند موت صعصعة بن سلام، وأدب بقرطبة قبل رحلته، وكان إمام الناس بها في القراءة. قال أبو عمر القمرئ: وكان جيدًا فاضلًا عالمًا أديباَ ثقة مأمونًا. قال أحمد بن عبد البر: كان عاقلًا نبيلًا يروي حديثًا كثيرًا ويتفقه في المسائل، رأسًا في علم القرآن، متهجدًا بالقرآن كثير الصلاة بالليل، وتوفي فيها قبل سنة تسع وتسعين ومائة. وروي عنه أنه كان يقول: ما من يوم يأتي إلا ويقول: أنا خلق جديد، وعلى ما يفعل بي شهيد، احذرني قبل ان أبيد، فإذا أمسى ذلك اليوم خر لله ساجدًا، وقال الحمد لله الذي لم يجعلني لليوم العقيم. وكان للغازي بن قيس ابنان عبد الله، وكان من أهل العلم بالعربية والتأدية لقراءة نافع، سمع من أبيه، وروى عنه ثابت وابنه قاسم. توفي سنة ثلاثين ومائتين، ومحمد أبو عبد الله، صاحب عربية ولغة، ورحل ولقي الرياشي وأبا حاتم ومات بطنجة في انصرافه وقال لما حضرته الوفاة:

<<  <  ج: ص:  >  >>