فلان الأنصاري فشكا إلي حاله فدفعتها إليه، فوجه يحيى إلي الأنصاري
فأخبره، فتعجب من الكرم ثم أمر لي بألف دينار وللبكري بمثلها، ولزوجتي بخمسمائة لغمها حين دفعت الدنانير إلى البكري. قال هارون بن عبد الله القاضي: رفع الواقدي في رقعة إلى المأمون يذكر فيها غلبة الدين عليه، وقلة صبره عليه، فوقع المأمون على ظهرها: أنت رجل فيك خلتان الحياء والسخاء. فأما السخاء فهو الذي أطلق ما عندك وأما الحياء، فهو الذي منعك من إطلاعنا على ما أنت عليه، وقد أمرنا لك بكذا وكذا، فإن أصبنا إرادتك فازدد في بسطتك وإن كنا لم نصب إرادتك فبجنايتك على نفسك. وأنت كنت حدثتني وأنت على قضاء الرشيد عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن أنس أن رسول الله ﷺ قال للزبير: يا زبير إن خزائن الرزق مفتحة بإزاء العرش فمن أكثر كثر الله عليه ومن قلل قلل عليه. قال الواقدي: وكنت قد أنسيت هذا الحديث، فكان ما ذكر فيه أعجب إلي من جائزته. قال هارون: وبلغني أن جائزته كانت مائتي ألف درهم. قال الواقدي: كان لي صديقان أحدهما هاشمي فنالتنا ضيقة، فقالت لي إمرأتي أنا نحن فنصبر إلى البؤس وأما صبياننا فقد قطعوا قلبي، فلو نظرت لهم في شيء تصرفه في صلاح شأنهم. فكتبت إلى صديقي الهاشمي أسأله التوسعة بما حضره، فوجه إلي كيسًا مختومًا ذكر أن فيه ألف درهم. فما استقر قراره، حتى كتب إلي الصديق الآخر يذكر مثل شكواي، فوجهت إليه بالكيس كهيئته وخرجت إلى المسجد أبيت فيه حياء من امرأتي، ثم رجعت فاستحسنت فعلي إذ وافى صديقي الهاشمي ومعه الكيس كهيئته، فقال اصدقني عن الأمر فأخبرته، فقال: وجهت إلي وما أملك إلا ما بعثت به إليك، وكتبت إلى صديقنا أسأله المواساة فوجه إلي بكيس بخاتمي، قال فتواسينا الألف وقسمنا ما بيننا أثلاثًا بعد أن أخرجنا إلى المرأة مائة درهم، ونمى