للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرغ منها قال ليت شعري ما يقول فيها مالك؟ قلت كذا وكذا. فنظر إليّ، فلما كان في اليوم الثاني كان مثل ذلك، وفي الثالث مثله، فلما افترق الناس دعاني، وقال، من أين أنت ومن أين أقبلت؟ قال فأخبرته. قال وما تطلب؟ قلت ما ينفعني الله به، فعطف عليّ

الشاب الجالس، فقال ضمه إليك، لعل الله ينفعك في الدنيا والآخرة فخرجت معه إلى داره، فإذا هو محمد بن الحسن. فلزمته حتى كنت من المناظرين من أصحابه. قال أسد: قلت لمحمد من الحسن أنا غريب والسماع منك قليل. قال اسمع العراقيين بالنهار وجئني بالليل وحدك تبيت معي، فأسمعك. فكان إذا رآني نعست نضج وجهي بالماء. ورآني يومًا أشرب ماء السبيل فقال لي، تشربه؟ فقلت له أنا ابن سبيل. فلما كان الليل بعث إليّ بثمانين دينارًا. وقال ما عرفت أنك ابن سبيل، إلا الآن. فلما أراد الانصراف إلى إفريقية لم يكن عنده ما يتحمل به، فذكر ذلك لمحمد بن الحسن، فقال له، أذكر شأنك لولي العهد. فلقيه ابن الحسن وذاكره أمره ثم قال لأسد، قف بالحاجب يوم كذا يدخلك عليه، واعلم أنك حيث تنزل نفسك أنزلوك. فمضى أسد وأستأذن، فأذن له فدخل حتى أنتهى إلى موضع أمر بالجلوس فيه، ومضى الخادم الذي أدخله، فجاء بمائدة مغطاة فجعلها بين يديه قال أسد ففكرت وقلت ما أرى هذا إلا منقصة. وقلت للخادم، هذا الذي جئتني به منك أو من مولاك. قال مولاي أمرني به. قلت: مولاك لا يرضى بهذا يأكل ضيفه دونه. يا غلام هذا برّ منك وجبت مكافأتك عليه. وكانت في جيبي أربعون درهمًا لم يبق معي سواها فدفعتها إلى الخادم، وقلت له أرفع مائدتك. ففعل وعرّف مولاه. فبلغني أنه قال حر والذي لا إله إلا هو. ثم قال الخادم ادخل. فدخلت عليه. وهو على سرير ومعلمه على آخر، وسرير ثالث. قال فأمرني بالجلوس عليه،

<<  <  ج: ص:  >  >>