وقال أعرض كتبي على كتبه وأنا ربيته؟ فقال له هذا: وأنت الذي نوهت لابن القاسم، فقال له لا تفعل. لو رأيته لم تقل هذا. وذكر أن أسدًا همّ بإصلاحها، فرده عن ذلك بعض أصحابه، وقال لا تضع قدرك تصلح كتبك من كتبه وأنت سمعتها قبله؟ فترك ذلك. وذكر أن ذلك بلغ ابن القاسم، فقال: اللهم لا تبارك في الأسدية. قال الشيرازي فهي مرفوضة إلى اليوم. قال الشيرازي: واقتصر الناس على التفقه في كتب سحنون، ونظر سحنون فيها نظرًا آخر فهذبها، وبوّبها ودونّها، والحق فيها من خلاف كبار أصحاب مالك ما أختار ذكره، وذيّل أبوابها بالحديث والآثار،
إلا كتبًا منها مفرقة، بقيت على اصل اختلاطها في السماع، فهذه هي كتب سحنون المدونة والمختلطة. وهي أصل المذهب المرجح روايتها على غيرها، عند المغاربة، وإياها اختصر مختصروهم وشرح شارحوههم، وبها مناظرتهم ومذاكرتهم، ونسيت الأسدية فلا ذكر لها الآن وكان لمحمد بن عبد الحكم فيها اختصار، ولأبي زيد بن أبي الغمر فيها اختصار، وللبرقي فيها اختصار، وهو الذي كان صححها على ابن القاسم، وكان عليها مدار أهل مصر. قال أحمد بن خالد: كان واضع كلام ابن القاسم - يريد الأسدية - رجل من أهل مصر، يقال له الأحدب. فأخذها سحنون ودوّنها، وأدخل فيها الآثار. قال سحنون: عليكم بالمدونة فإنها كلام رجل صالح، وروايته: وكان يقول إنما المدونة من العلم بمنزلة أم القرآن من القرآن. تجزي في الصلاة عن غيرها، ولا تجزي غيرها عنها. أفرغ الرجال فيها عقولهم، وشرحوها وبينوها فما اعتكف أحد على المدونة ودارسها إلا عرف ذلك