صديقًا له، وأعلمه أنه يحضر مجلسه في الغد، وأمره بالتحفظ، فغدا عليه يحيى من الغد، وهو يحدث بكتاب الأهوال، من تأليفه. فقال حدثنا فلان وفلان وذكر عدة من شيوخه بما في هذا الكتاب، فقال له يحيى: كلهم حدثك بجميع ما فيه، أو بعضهم ببعضه، فجمعت حديثهم. فهاب كلامه ابن عبد الحكم، ودهش، وقال: كلهم حدثني به. فقام يحيى وقال: الشيخ يكذب. وذكر أبو العرب التميمي، في كتاب المحن، عن عبد الله بن عبد الحكم، أنه امتحن في القرآن على يد الأصم، وضرب بالسياط في مسجد مصر، أقل من ثلاثين سوطًا أيام المأمون وابن أبي دؤاد على قضائه. وترجم أبو العرب في الترجمة عبد الله بن عبد الحكم الكبير، وذكر في الحكاية أن فعل به هذا هو ابن عبد الحكم الكبير، وأراه ابنه فإن محنة الأصم كانت بعد موت عبد الله على ما ذكرناه، في أخبار القاضي الزهري، قبل. قال أبو عمرو الكندي: وكان القاضي عيسى بن المنكدر قد كتب إلى المأمون كتابًا في شأن المعتصم أخيه، لما ولاه مصر. فعرضه المأمون على المعتصم. فلما ورد المعتصم مصر عزل ابن المنكدر، وسجنه إلى أن مات في سجنه ببغداد، رحمه الله تعالى. وسجن عبد الله بن عبد الحكم بالتهمة، في هذا الكتاب إذا كان الغالب على ابن المنكدر وصاحب مسائله، وكان أشار على ابن المنكدر ألا يفعل، فعصاه. عبد الله فمات لإحدى وعشرين ليلة خلت من رمضان، سنة أربع عشرة ومائتين، وهو ابن ستين سنة. قيل مولده بمصر سنة خمس وخمسين. وقيل سنة ست في السنة التي ولد فيها الحارث بن مسكين، وعبد الله أكبر منه بشهرين.