للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهدت عليهما؟ قال كما شهدت إنك أمير المؤمنين، ولم أرك إلا الساعة. وكما شهدت إنك غزوت ولم أحضر غزوتك؟ قال أخرج من هذه البلاد فليست لك ببلاد، وأجمع قليلك وكثيرك فإنك لا تعانيها أبدًا. وحبسه في رأس الجبل في خيمة. ثم انحدر لبعض بلاد عاربة مصر، وأحدره معه. فلما فتحها سأل حارثًا عن مسألته الأولى، فرد عليه جوابه بعينه. قال فما تقول في خروجنا هذا؟ فقال اخبرني عبد الرحمان بن قاسم بن مالك، إن الرشيد كتب إليه يسأله عن قتال أهل دهلك. فقال: إن كانوا خرجوا عن ظلم من السلطان، فلا يحل قتالهم، وإن كانوا إنما شقوا العصا، فقتالهم حلال، فجاوبه المأمون بجواب قبيح، سبّه فيه، وسبّ مالكًا، وقال له: ارحل عن مصر. فقال: يا أمير المؤمنين، إلى الثغور. قال، إلحق بمدينة السلام. فقال أبو صالح الحراني: يا أمير المؤمنين تغفر زلته. فقال يا شيخ شفعت فارتفع. قال: كان لما حضر قال له المأمون: يا ساعي،

يرددها عليه. فقال له: لست بساعي، وإن أذن أمير المؤمنين في الكلام تكلمت. قال: تكلم. قال: والله يا أمير المؤمنين ما أنا بساعي، ولكني أحضرت، فسمعت وأطعت حين دعيت. ثم سئلت عن أمر فاستعفيت. فلم أعف ثلاثًا. فلما رأيت أنه لابد لي من الكلام، كان الحق آثر عندي من غيره. قال المأمون هذا رجل أراد أن يرفع له علم في بلده، خذه إليك. ثم حمله إلى العراق. وخرجت إليه امرأته، وحمل ابنه إبراهيم إلى الثغور. فأقام الحارث بالعراق ستة عشر سنة، حتى مات المأمون، والمعتصم. وذكره الواثق لابن أبي داؤد. فقال له: هو حاضر. فقال: ما ظننت أنه حي. فأرسل إلى الحارث وهو ببغداد، يقول له: سل حاجتك.

<<  <  ج: ص:  >  >>