الموطأ. قال ابن وضاح: كان سحنون يروي تسعة وعشرين سماعًا، وما رأيت في الفقه مثل سحنون في المشرق. قال سعيد بن الحارث: كان أبو سعيد عاقلًا بمرة، ورعًا بمرة، عالمًا بمذاهب المدنيين بمرة. وقال: جالست الناس بهذه البلد، منذ بلغته، ما رأيت أجود غريزة من سحنون. قال محمد بن الحارث: كانت أفريقية قبل رحلة سحنون، قد غمرها مذهب مالك بن انس، لأنه رحل إليها اكثر من ثلاثين رجلًا، كلهم لقي مالك بن انس، وسمع منه. (أن) كان الفقه والفتيا إنما كان في قليل منهم، كما ذلك في علماء البلاد، ثم قدم سحنون بذلك المذهب، واجتمع له مع ذلك فضل الدين، والعقل والورع والعفاف والانقباض. فبارك الله فيه للمسلمين. فمالت إليه الوجوه، وأحبّته القلوب وصار زمانه كأنه مبتدئًا قد مّحى ما قبله. فكان أصحابه سرج أهل القيروان، (فرأيته) عالمها وأكثرهم تأليفًا وابن عبدوس فقيهها وابن غانم عاقلها وابن عمرو حافظها وجبلة زاهدها وحمديس أصلبهم في السنة وأعذلهم للبدعة وسعيد بن حداد لسانها وفصيحها وابن مسكين أرواهم للكتب والحديث وأشهدهم للوقار وتصاونًا لكل هذه الصفات مقصورة على وقتهم. قال محمد ابن سحنون: قال لي أبي: إذا أردت تقدم اطرابلس. وكان فيها رجال مدنيون ومصر وبها الرواة. والمدينة عسير مالك ومكة فاجتهد جهدك، فان قدمت علي بلفظة خرجت من دماغ مالك ليس عند شيخك اصلها، فاعلم أن شيخك كان مفرطًا. قال سليمان بن سلام في مجالسه: دخلت مصر